ما من عاقل يرى بأم عينيه ما هو عليه وضع كثير من الشباب من الجنسين في المرحلة الراهنة إلا يتساءل: أين الدور التربوي في معاقل المعرفة والتعليم والتوجيه للسلوك الحسن؟ على اعتبار أن سلوك المرء هو المؤشر لوعيه ولمدى قناعاته ولمستوى حصيلته من الإيمان بقيمه والرضاء بمنطلقاته والحفاظ على ثوابته...وكل هذه الحصيلة من المتوقع البدهي أنها نتاج المؤسسة التعليمية والتربوية التي تحتضن الجيل في عدد من ساعات يوم أفراده تفوق عدد البقية منها في يومهم تلك التي يكونون فيها إما في بيوتهم أو خارج عنها حيث يعكس هذا الكثير منهم في تصرفاتهم الخلل والفراغ نتاج هذه المؤسسة من كل ذلك الحصاد...
ألا يتفكر الجميع فيما غدا عليه غالبية النشء من الانفلات والتسيب والضحالة في المظهر العام وفي المخبر الخاص.....؟
ألا يندهش الناظر إلى هذه الكائنات المتحركة في غير ما عهد عليه النشء الصالح في حدود وقيود معايير الصلاح تلك التي وردت في منظومة الأخلاق والفضائل المقرة في الأعراف البشرية عامة وتحديداً في منظومة الخلق الإيماني الوارد بدءاً في صفات قدوة البشر الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ومن ثم في شخوص الصحابة والعلماء والمربين والمعلمين والمؤدبين ممن هم القدوة الحسنة في كل زمان ومكان..؟
لماذا أصبح هذا النشء يتفلت من ضوابط القيم وجمال السلوك ووقار المظهر...؟
هل يمكن أن يتردى حال الجيل مع هذه الانفتاحة الشاسعة الهوجاء بريحها الغريبة التي تحل بحمى ديار المسلمين ممن كانت لديهم ثقافة الأدب والحياء والوقار والاحتشام والنبل والهدوء ليتحلل معها هذا القدر من النشء من كل ذلك فنجدهم في فوضى عارمة ومظهر لا يليق وجرأة مبتذلة في الأسواق والشوارع وبجوار المطاعم وفي المطارات وحيث يتجمع الناس..؟ ولا ما يصدهم أو يردهم أو ينكر عليهم...أمثلتهم ونماذجهم رموز الفن والتمثيل والغناء والكرة..؟ وألسنتهم صريحة تلقي بما لا يفرح من مضامين حين تنصت إليهم فكأنك غريب عن جلدتهم...؟
لماذا..؟
وأين المؤسسة التعليمية والتربوية عن هذه النقلة الخاسرة..؟
إن من يقول إن هذه المؤسسة ليست مسؤولة عن هذا هو يسحب عنها أول لبنة في قاعدة بنائها، فماذا بعد ذلك إلا انهيارها..؟