أن تشتم القبيلة وتكبّر أخطاءها الصغيرة وتعمم الحكم فهذا مسموح لك نشره، بل مرحب به كثيراً، أما أن تدافع عن الحقيقة وتذكر الخطأ والصحيح فهذا لا يمكن أن ينشر في صحفنا، وإذا ما أردت أن تكون مشهوراً فعليك بشتم القبيلة وستجد صفحات مفتوحة لك، بل ستجد مشاركين لك في حديثك بنهم وشهية لا تعرف الشبع.
والمعروف للعقلاء أن القبيلة هي شريحة من شرائح المجتمع، ولها قوّتها التي تكمن في ترابطها وتلاحمها ووقوفها أمام التيارات الجارفة، وهذه الشريحة لها حسنات وأخطاء، ومعالجة الخطأ شيء مطلوب، وقد سبق لي أن كتبت مقالة بعنوان (اللعب بورقة القبيلة) نشرت هنا، وركزت على من يلعبون بهذه الورقة وهم معروفون جيداً عند القبيلة وغيرها.
أما الهجوم على القبيلة لأنها انتماء قدّر الله أن تكون عليه فهذا هو المؤلم والمجحف بحق شريحة تمثل غالبية أبناء الوطن، وهي شريحة أعطت وتعطي دون أن تأخذ مقابلاً، بينما غيرها يأخذ كثيراً دون عطاء، ولا يصاب بالتخمة أبداً، ولم نجد هجوماً عليه مثلما نجد الهجوم على القبيلة.
وصحافتنا للأسف تحاول أن تطمس كل فضيلة للقبيلة لحاجة في نفس بعض أبناء يعقوب، ولكم أن تلاحظوا أخبار الصحف، فالضار والسيئ والمثير ينسب للقبيلة والسار ينسب لغيرها، أليس هذا تناقضاً في التطبيق والمفهوم؟.
ولو قلنا: من هم جنود الموحد الذين وقفوا معه دون مرتبات ولا أعطيات كما قال الموحد نفسه، سيكون الجواب إنهم هم أبناء القبيلة التي هي جند الوطن وأداة توحيده.
ولو سألنا عاقلاً: من هم أكثر حراس الوطن الآن والذين يقفون ليلاً في البرد القارس وصيفاً في الحر لحماية أمن الوطن، لقيل هم أبناء القبيلة. ودول الخليج تعج بالقبائل مثلما هو هنا، ولم تسمع ولم نشاهد حملة للتقزيز والتهويل ضد تلك القبائل هناك مثلما هو هنا، فلماذا هنا بالذات؟.
ثم في مجالات العمل العام إذا ما عرفوا أنك ابن قبيلة فسوف لن تنال خيراً في فرص الترقية أو الترشيح، لا لسبب إلا لأنك تحمل اسم القبيلة، وكأنه عار يجب أن تتبرأ منه، ومهما حاولنا أن نجحد هذا التطبيق الخاطئ فالواقع يشهد به، فلماذا لا يكون ابن القبيلة هو ابن الوطن مثل الآخر؟ أم أن الوطن لا يتسع لأكثر من ابن واحد؟!.
جاء مزاين القبائل للإبل، وكاد أن ينتهي دون ضجيج ودون أن تشتم القبيلة، فلما جاء مزاين عتيبة قامت الدنيا ولم تقعد، وقالوا إنها تحيي العصبية، وقالوا إن الولاء عندهم للقبيلة دون الوطن، وانتهى مزاين عتيبة على ما انتهى عليه، لكن هذا أزعج الذين في قلوبهم مرض، وفهموا الرسالة جيداً فراغوا عنها إلى القبيلة ذاتها فقط لينهشوا لحمها!!
وجاءت مهرجانات في مدن وقرى، وصار الذين يقومون عليها من أهلها، والمشاركون من أهلها، والمقدمون والمعدون من أهلها، أي لا أحد يدخل معنا، لأن الديرة ديرتنا كما قال أحدهم، وقد كلّف أحد المهرجانات أكثر من ستة عشر مليوناً، ولم يقل أحد أن هذا تبذير أو إنفاق لغير وجه الله، مع أن معهم علماء مشاركين يشار إليهم بالبنان، فأين ما كانوا يقولون عن مزاين القبائل؟!.. (كنت ولا زلت لا أستسيغ مزاين القبائل لأنه يقوم على أموال العامة والمستفيد غيرهم).
صدرت كتب عن مدن وقرى لم تكن شيئاً مذكوراً، فضخمت وكبّرت هالتها، وأما أن يصدر عن القبيلة فيكون له ألف وألف رادع بحجة إثارة العصبية، ونحن قرأنا وسمعنا وعرفنا ما حصل بين أسر من أهل القرى حينما صدرت كتب عنها وكل يقول نحن أهلها، فأين العصبية والاقصائية إذن؟!.
أقول لكل من يرمي القبيلة بحجر صلد: لن تنالوا من القبيلة، لأنها حجر العثرة أمام المفسدين والمهرجين وأصحاب القلوب المريضة وكل من يحاول المساس بأمن الوطن، ومهما تسترتم تحت أية ستار، فهذا لن ينفع وهذا لن يوصلكم إلى ما تريدون.
أبناء القبائل رجال بهم صلابة وقوة ولهم منعة، وهذا هو محك الهجوم وهدفه فقط، أما المبررات التي نراها فهي من قبيل تكبير الخطأ الذي لا نقول إن القبيلة براء منه، ولكن هو خطأ يحصل من كل الشرائح، فلماذا إذا حصل من القبيلة يذكر وغيرها يقبر؟!.
بلا تحفّظ أقول: إعلامنا له دور في تكريه الناس في القبيلة، لكنه دور لن ينجح أبداً، لأن القبيلة شريحة كبيرة ومؤثرة في حراك الوطن، ولن يزعزها صرير أقلام الكره والتهميش والتمحور على الذات.. فارحموا عزيزاً لم ولن يذل بإذن الله.
فاكس: 2372911
abo-hamra@hotmail.com