ما أجمل الشعر حينما يكون مكتوباً ومترجماً بعد معاناة وتجربة في الحياة مرت بالشاعر! فيخرج لنا كلاماً جميلاً يبقى في الذاكرة ويؤثر في النفس والقلب، شعر يحرص كل شخص متذوق وهاوٍ للكلام النفيس أن يسمعه ويردده كل حين لما يتميز به من روعة، ومن يتمعن ويدقق في مجموعة من القصائد يجد فيها المعاناة التي مرت بقائليها إما بموت عزيز وقريب أو حبيب، أو فراق من تحبه النفس بالبعد بعد طيب العشرة والاجتماع على المحبة، أو نزل ضائقة بالإنسان، وحصول موقف جعله يلجأ للشعر بعد خالقه بحثاً عن الراحة وإخراج ما في النفس والقلب من هموم وأحزان تسبب فيها ذلك الموقف.. إلخ، والدنيا كل ذاق مرارتها وعانى منها وجرب أحزانها وهمومها وما فيها من مصائب جمة، واللبيب يستطيع بكل سهولة أن يفرق بين الشعر الذي كتب من معاناة وتجربة مرت به في الفانية، وبين ما يكتب بدون معاناة مجرد أن طرأت عليه فكرة فكتب عنها وإن أجاد في ذلك، وشعر المعاناة من وجهة نظري أكثره موجود في قصائد الرعيل الأول من الشعراء الذين لوعتهم الدنيا، ومرت بهم تجارب جعلتهم يبدعون في النظم للكلام الفريد الذي يحتوي على النصح والتوجيه والإرشاد والزهد في الدنيا ففي كل موقف يمر بهم يعبرون عنه بقصيدة تبقى في الذاكرة بأبياتها التي تحمل بين طياتها الدرر من الكلمات المنمقة المنسقة التي جاءت بعد عصارة أفكار وقلوب مر بها الجميل والقبيح ولاقت من الدنيا فرحاً وأحزاناً، وهذا لا يعني أن أهل هذا الزمان لا يعانون بل هم كذلك لكن ليس بالصورة التي عليها الناس في غابر الأزمان، والشواهد على ذلك كثيرة، وتابعوا ما يكتب عبر الساحة من قصائد ستجدون الفرق بين القصائد التي تحمل بين طياتها المعاناة، وبين ضدها، وهذا دون أدنى شك لن يميزه سوى اللبيب المميز لما يقرأ ويسمع، المتذوق للشعر.
صالح بن عبدالله الزرير التميمي
الرس
Abuabdulh58@hotmail.com