المعلمون عند الأمم المتقدمة مهنيون ينتمون إلى مجتمع المعرفة، أي أنهم يقدمون لمجتمعهم عملا مهنيا يعتمد على حقائق وأفكار معرفية في العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، كما أن أداءهم ينطلق من معرفة عميقة بالأسس النفسية للسلوك الإنساني، ومن معرفة بطبيعة ما يجري في الدماغ البشري من عمليات إدراك وتعلم وتفكير يؤدي إلى قيام المتعلم بتنظيم المعرفة داخل بنيته العقلية في نسق معرفي متماسك. وبخلاف أولئك الذين يمارسون أعمالاً يدوية نجد أن المنتمين إلى مجتمع المعرفة يطورون دائما من أدائهم ويتعلمون ذاتيا ويستثمرون عقولهم. في السابق كانت قوة العمل الحقيقية يمتلكها أصحاب التجارب والخبرات الذين يقومون بتشغيل المكائن والأجهزة. أما اليوم فقد انتقل مركز قوة العمل من أولئك الذين يمارسون العمل اليدوي إلى أولئك الذين يطبقون المبادئ والنظريات العلمية في الإنتاج ليؤدوا عملهم بطريقة أكثر ذكاء. لكنني أسأل بحرقة: هل خريج كلية المعلمين بمستوى إعداده وأدائه الحالي ينتمي إلى مجتمع المعرفة؟ نتائج البحث العلمي الرصين المعاصر لا تشير - للأسف- إلى ذلك. ومع ذلك فأنا متفائل بأن انتقال كلية المعلمين إلى جامعة الملك سعود التي تعيش عهدا تطويريا ملحوظا سيجعل خريج كلية المعلمين مساهما حقيقيا في بناء مجتمع المعرفة.