قالت جدة الطفلة (شرعاء) التي قتلها والدها في الرياض الأسبوع قبل الماضي - بحسب إفادتها التي نُشرت بالصحف - إنها أبلغت قسم شرطة المنار تسع مرات، وفي المرة التاسعة قام الضابط بتهديدها بالسجن إذا لم تخرج من قسم الشرطة!! وكان يكفي بلاغ واحد، وإن كان (هاتفياً)، في بعض الدول لتتولى الشرطة مهامها بالتحقيق. لكن يبدو أن الشرطة لدينا تتريث أكثر من اللازم لوجود شعور مستمد من ثقافة المجتمع بأن للأب الحق في تربية أبنائه بأي طريقة يشاء! وهذا الشعور ترجمه الضابط حرفياً للجدة التي هرعت إلى الشرطة لتحمي حفيدتها؛ لذلك فإنه بلا قوانين واضحة يستند إليها رجل الأمن و(تجرم) العنف البدني والنفسي الذي يقع على الأطفال في منازلهم ومدارسهم من قبل أفراد الأسر وفي المدارس فإن الشرطة ستقف موقف المتفرج كما فعلت شرطة المنار! ليبدأ دورها بعد وقوع الجريمة وليس قبلها! والعنف فتح فروعاً له في المدارس الابتدائية؛ فهناك معلمون تخصصوا في تقديم ألوان من العنف اللفظي والجسمي للأطفال؛ لأنهم لم يؤهلوا أساساً لمهنة التعليم عوضاً عن أن يرتقوا إلى درجة (مربين)! وإذا لم تقم وزارة التربية والتعليم بسن تشريعات واضحة تحمي الأطفال في المدارس وتسن اختبار كفاءة يقام كل سنة أو سنتين لتقييم كفاءة وقدرات المعلم والإداري في كيفية تعامله مع الأطفال فإن من يمارس العنف بكافة أنواعه سيشعر بالأمن؛ لأنه لا مساءلة عليه!
نستطيع أن نجعل في كل مدرسة مسؤولاً أمنياً لا يرتبط بإدارة المدرسة؛ ليحافظ على الأمن ويستقبل شكاوى الأطفال، سواء ضد المعلمين أو الأسر، ويقوم بالتعامل معها، لكن قطع الخطوط وإغلاق المنافذ أمام الأطفال حتى لا يعرفوا إلى أين المفر، أمر تتحمله المؤسسات الرسمية! ولمعرفة حجم ظاهرة العنف ضد الأطفال فإن جهاز مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية أفاد بأن 45% من الأطفال في المملكة يتعرضون للعنف.. نسبة مخيفة ماذا سينتج منها؟ وكيف سينشأ ضحاياها؟! ومَن المخول بترجمتها إلى قوانين تحمي الأطفال من بطش وعنف وقسوة الكبار في المنازل وداخل أسوار المدارس؟!
alhoshanei@hotmail.com