الجزيرة - الرياض
أقام مركز الجلد والحساسية مؤخرا محاضرة بعنوان البحث العلمي وضرورته في تقدم الأمم، لمعالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل الشيخ، وذلك ضمن سلسلة من المحاضرات والندوات التي يقيمها المركز، وقد حضرها عدد من العلماء والأدباء المتخصصين في مجالاتهم العلمية. وقد استهل معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل الشيخ محاضرته مؤكدا على أن البحث العلمي هو أساس التقدم، وأن الأمة لن تنال نصيبا من التقدم دون أن يكون البحث العلمي هو الركيزة الأساسية. مؤكدا معاليه على أن الدين الإسلامي جعل التعلم والعلم والبحث من أهم دعائم المسلم الحق إن هو أراد أن يحيى ويسمو ليصل إلى الذروة في دينه ودنياه، يقول الله جل شأنه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
وبين معاليه أن منطقتنا العربية رغم ثرواتها البشرية والطبيعية ظلت ولا تزال أسيرة للتخلف في هذا المجال لأن الإدراك الحقيقي لأهمية البحث العلمي لم يتحقق بعد إلا في أضيق نطاق. وبالرغم من وجود الطاقات المادية والبشرية القادرة على النهوض بهذه الأمة إلى أعلى الدرجات عن طريق البحث العلمي. إلا أن هذه الطاقات المتميزة تحتاج إلى التكريس والصقل والتأهيل وتحتاج مناخا علميا خاليا من الإعاقات. مضيفا معاليه إن المناخ العلمي السليم لابد أن يبدأ بالمنهج الدراسي العلمي السليم في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا والمناخ العلمي السليم لابد أن يرتكز على البيئة العلمية السليمة المتمثلة في مراكز الأبحاث الحقيقية وليست الصورية. وأكد معاليه بأن قدرات الإنسان تنمو وتتطور بالعلم المؤسس على برامج ومناهج سليمة ابتداء من السنوات الأولى للدراسة وصولا إلى المعاهد والجامعات المتقدمة وعندئذ تتمايز القدرات ليتم رصد المتميز منها والمتفوق ليذهب إلى المرحلة العالية من العلم والتدريب التي تؤهله لولوج بوابات مراكز ومعاهد البحث العلمي التي يجب أن تتمتع بالقسط الأوفر من الحرية في نشاطها العلمي والدعم المادي والمعنوي التي تطلق العنان للباحثين لتحقيق إبداعات متميزة وابتكارات واعدة واختراعات جديدة مفيدة وحلول حاسمة لأي عوائق ومشكلات قد تعترض مسيرة التقدم.
كما شدد معاليه على أهمية الاستقرار النفسي للباحثين في مراكزهم العلمية فهو أمر لا بد منه فالباحث يجب أن يكون متفرغا لبحثه. فمختبره من الضروري أن يكون مزودا بكل ما يحتاجه من أجهزة متقدمة ومعدات حديثة مع وجود مكتبات واسعة النطاق في كتبها ومراجعها ودورياتها ومجلاتها العلمية لا يحده في اختيار مراجعة أي حدود أو قيود فله مطلق الحرية في الاختيار والاطلاع والدراسة. كما أن الباحث يحتاج إلى فريق عمل من المساعدين الباحثين، وأن من دواعي الاستقرار النفسي للباحث أن يكون مطمئنا في سكنه ونفقته وفكره ووقته. كما استدل معاليه بأن العرب العلماء تمتلئ بهم الجامعات المتقدمة ومراكز البحوث المتميزة خارج حدود الوطن العربي، والغرب والشرق يتنافسون على استقطابهم بعد أن هيأوا المناخ العلمي والعيش الكريم والحرية التامة فأبدعوا في أبحاثهم، متسائلا لماذا لا نستطيع أن نستقطب أولئك العلماء؟
واختتم معاليه محاضرته القيمة مؤكدا بأنه يجب علينا أن لا ننفك عن تاريخنا المجيد لحظة واحدة ولكن لا يجوز لنا أن نقف عنده بل علينا أن نستعمله وقودا للحاضر والمستقبل لكي نحلق مع المحلقين فنربط ماضينا العظيم بحاضر له شأن عظيم و بمستقبل له في الغالب شأن أعظم. لابد أن تكون لنا معرفة نحقق بها مكانة تجعلنا ننتقل من آخر الركب إلى أوله ونفيق من سباتنا إلى اليقظة والوعي. مؤملا أن تنهض الجامعات ومراكز البحث العلمي في بلادنا بهذا الجانب الأهم من رسالتها ودورها (البحث العلمي) فتكرس الموارد المالية والبشرية الكافية للنهوض بالبحث العلمي لتخطو بعزيمة وثقة من مؤخرة القائمة إلى الصدارة لتقود بلادنا إلى الرقي والتقدم.