رغم كثرة معاهد التدريب في المملكة واختلاف تخصصاتها والقطاعات المشرفة عليها.. إلا أنها للأسف الشديد بعيدة كل البعد عن معاقل التنمية الصناعية الحقيقية في بلادنا، والمتمثلة في المدن الصناعية، والمراكز الصناعية، إذا استثنينا بعض المعاهد المحدودة التي قد ينشئها القطاع الخاص داخل مصانعه والتي لا تفي بالغرض المقصود.
والواقع أن كثيراً من الشباب يتخرج من معاهد التدريب - التقليدية - كمراكز التدريب المهني وغيرها..، فلا يجد الفرص المناسبة للعمل بالقطاع الخاص، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى الفجوة الكبيرة بين سوق العمل وتلك المعاهد لبعدها المكاني والزماني عن واقع ومتطلبات سوق العمل، وعدم قدرتها على مواكبة ما يستجد فيه من أعمال.
أضف إلى ذلك ضعف مؤهلات خريج تلك المعاهد نتيجة عدم إعطائه الفرصة الكافية في تدريبه التدريب الجيد في مجال تخصصه، وأسباب أخرى تتعلق بالقطاع الخاص والتعامل معه والمشاكل المترتبة على ذلك من البحث عن فرص عمل، وشروط أصحاب العمل، والتي لم يعتد عليها الشاب داخل هذه المعاهد، وغيرها من الأسباب التي لا يتسع المجال لذكرها.
فكل ذلك جعل تلك المعاهد - بوضعها الحالي - ليست هدفاً مباشراً لأصحاب المصانع في المدن الصناعية، ووجود البديل من العمالة الأجنبية الرخيصة زاد الأمر تعقيداً!. ولحل هذه الإشكالية ومحاولة البحث عن إيجاد فرص عمل جديدة ومضمونه لهؤلاء الشباب المهنيين فإن الحاجة أصبحت ملحة لإنشاء مراكز تدريب داخل معاقل المدن الصناعية، وغزو القطاع الخاص في عقر دارهم - إن صح التعبير - وإنشاء أكثر من معهد في كل مدينة صناعية في المملكة، أو مجمع صناعي.
والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لديها عشرات المعاهد والمراكز المهنية والصناعية المتخصصة في هذا المجال، والمنتشرة في جميع مناطق ومدن المملكة بالإضافة للكليات التقنية، فلو تم نقل بعض من هذه المعاهد ومراكز التدريب المهني أو نقل الورش التدريبية إلى داخل المدن الصناعية بحيث يتدرب فيها الطالب سنة كاملة، مع العمل على إنشاء معاهد أخرى متخصصة داخل المدن الصناعية فإن ذلك سيكون له بالغ الأثر على زيادة الطلب على مخرجات المؤسسة ويساهم بتخريج شباب على كفاءة عاليه، وزيادة رفعة وتطوير التدريب لديها.
وتفيد هذه التجربة في دفع الشباب للعمل المهني وزيادة الإقبال عليه؛ لما سيجدون من وظائف جاهزة بانتظارهم أثناء وبعد تدريبهم، بخلاف المعاهد السابقة التي لا تضمن للمتدرب الوظيفة الملائمة بعد التخرج. ولساهم هذا الأمر بشكل كبير في سد الفجوة الموجودة بين القطاع الخاص ومعاهد التدريب، وزاد من سعودة الوظائف التقنية والمهنية في القطاع الخاص، وكسر حاجز العمل لدى الشباب بتلك المهن الفنية؛ لشعور الشاب وهو على مقاعد التدريب أنه داخل هذه المصانع وجزء لا يتجزأ من منظومة العمل التقني مما ينتج عنه زيادة مهاراته المهنية والتقنية، والمساعدة في تدريبه المباشر على مختلف المهن التي تتطلبها تلك المصانع، على عكس متدرب المعاهد التقليدية والذي لم تنضج بعد مهاراته المهنية، ولم يأخذ الفرصة الكافية في التدريب.
mohamad133@hotmail.com