«الجزيرة» - المركز الأمريكي العربي للترجمة والبحوث في واشنطن
كتب يوجين روبنسون مقالاً نشرته صحيفة واشنطن بوست تحت عنوان (هيا كوندي، هيا)، تحدث فيه عن انتخابات الرئاسة الأمريكية التي لم تكن تقليدية بأي حال من الأحوال بداية بتقدم أول أسود وأول سيدة للترشح في السباق الرئاسي، وحتى السيناتور الجمهوري جون ماكين لم يكن من المتوقع أن يصل إلى ترشيح الحزب. لذا يدعو الكاتب إلى اختيار كوندوليزا رايس لتكون رفيقة السيناتور ماكين في الانتخابات العامة كنائب له، حيث إنها قد أبدت اهتماماً بالسياسات الداخلية، في إشارة إلى استعدادها لتولي منصب نائب الرئيس. وعلى الرغم من ذلك فقد أنكر شون ماكورماك، المتحدث باسم رايس، مثل هذا الأمر لأنها ستكون آخر من يعلم إذا تم ترشيحها لهذا المنصب. ثم يوضح الكاتب أن رايس كتومة ولا تفضل الحديث عن تفاصيل طموحاتها، لكنه كان يتوقع لها أن تحاول الانضمام إلى مجلس الشيوخ بدلاً من سياسات الرئاسة. وكان ماكين قد أجاب بدبلوماسية أن رايس مواطنة أمريكية ممتازة، لكنه لم يؤكد اختياره لها. ثم يوضح الكاتب أن رايس قد لا تمنح ماكين أي ثقل سياسي في الانتخابات أو حتى ميزة تفيده في مختلف الولايات، فسواء فاز في ولاية ألاباما، مسقط رأس رايس، أو خسر في كاليفورنيا، موطنها الجديد، فلن يكون لرايس يد في ذلك. بل إن حملة ماكين التي تعتمد على حرب العراق، قد اتهمت إدارة الرئيس بوش بسوء إدارة الحرب حتى وقت قريب، ورايس كانت ممن أساؤوا إدارة الحرب حينما كانت مستشار الأمن القومي أثناء فترة الرئاسة الأولى لبوش. لكن رايس قد تفيد ماكين في عدة أشياء يفتقدها منها شبابها النسبي، وتألقها، إذ إن الحزب الجمهوري يخشى من أن يقدم نموذجاً عتيقاً للرئاسة في الوقت الذي يقدم فيه الديمقراطيون صورة مجسمة للمستقبل، ثم يوضح الكاتب مشكلة أخرى قد تعوق اختيار رايس للترشيح مع ماكين، ألا وهي أنها تناصر الحق في الإجهاض وتدعم العمل الإيجابي ما لم يؤد إلى تقسيم، وهو ما لن يشجع ماكين على اختيار من لا يهتم بأفكار الحزب الرئيسية. ثم يختتم الكاتب المقال بقوله إن رايس تُعد أفضل المرشحين لذلك المنصب لما تتميز به من ذكاء وتألق يؤهلها لأن تكون رفيقة ماكين في السباق الرئاسي.
وفي الشأن الانتخابي أيضاً، كتب مايكل بارون مقالاً نشرته صحيفة واشنطن تايمز تحت عنوان (قبائل متناحرة)، شبه فيه الصراع بين الساعين إلى ترشيح الحزب الديمقراطي بذلك بين القبائل المتناحرة، لاسيما وقد أظهرت الاستطلاعات غير الرسمية أن هذا الصراع قد تسبب في انقسام بين ناخبي الحزب الديمقراطي. ويوضح كيف انقسمت فئات الناخبين بين بيض وسود وآسيويين وشباب وكبار وأغنياء وفقراء في دعمهم للمرشحين بشكل غير مسبوق، ومع استمرار السباق ازدادت نسبة الناخبين الذين سيصوتون لماكين إذا لم يفز مرشحهم بترشيح الحزب الديمقراطي، ثم يشير الكاتب إلى انقسام آخر لم توضحه استطلاعات الرأي وهو أن أوباما يتمتع بالدعم في الولايات والمقاطعات ذات الجامعات والمدن الكبيرة، بمعنى أنه يستقطب المتعلمين، على العكس من منافسته هيلاري كلينتون التي تتمتع بدعم الناخبين من أصول لاتينية ومن أصول أوروبية في المنطقة المعروفة باسم أبالاشيا، وفي بعض المناطق يعكس تفوق كلينتون شعبيتها ورفض الناخبين لأوباما مثلما كانت نتيجة التصويت في مقاطعة بوكانن 90% لصالح كلينتون مقابل 9% لصالح أوباما.
ويفسر الكاتب ذلك الانقسام في أن ناخبي نطاق أبالاشيا الذين يدعمون كلينتون، والمعروفين باسم جاكسونيان، مقاتلون بالفطرة على العكس من الدارسين والموظفين الذين يدعمون أوباما، لذا فمن الطبيعي أن يعتبر الفريق الأول الحرب شرفاً في حين يعتبر الفريق الثاني السلام هو الشرف. وعلى نطاق المرشحين، فقد أوضح أوباما رفضه لحرب العراق، وطالب بسحب القوات الأمريكية، وهذا ما يناسب الدارسين الذين يصفون الجنود الأمريكيين بكونهم ضحايا وليسوا أبطالاً. أما كلينتون فقد أوضحت موقفها القتالي على الساحة الانتخابية إن لم يكن على ساحة العراق، وحتى مع ثبوت عدم صحة تعرضها لنيران القناصة في البوسنة، فقد تجاوزت عدد محن بجسارة في الـ15عاما الماضية. ثم يختتم الكاتب المقال بقوله إن استطلاعات الرأي تؤكد أن المرشح الديمقراطي قد لا يستطيع الاعتماد على مؤيدي خصمه الديمقراطي الخاسر، لأنهم سيفضلون التصويت للمرشح الجمهوري ماكين. وهذا ما ينبغي أن يثير قلق المندوبين الكبار حين اختيار من يفوز بالحرب القبلية للحزب الديمقراطي. وعلى صعيد آخر، كتب بيتر باينارت، وهو زميل مركز العلاقات الخارجية، مقالاً نشرته صحيفة واشنطن بوست تحت عنوان: (أوباما على دفة القيادة)، تحدث فيه عن استغلال هيلاري كلينتون لقلة خبرة أوباما أساساً للهجوم عليه وليس كونه أسود، وهو ما سيفعله جون ماكين إذا فاز أوباما بترشيح الحزب الديمقراطي. لكن لحسن حظ أوباما أنه لن يضطر إلى اللجوء إلى سيرته الذاتية كمشرع بمجلس الشيوخ ليثبت قدرته على إدارة البلاد، إذ يكفيه أن يشير إلى أسلوب إدارته لحملته الانتخابية حتى الآن.
ويوضح الكاتب أن مرشحي الرئاسة غالباً ما يكون أسلوب قيادتهم للبلاد مشابهاً لأسلوب قيادتهم الحملة الانتخابية، مثلما كان كارتر وريجان وكلينتون وحتى بوش الابن. ومن الواضح أن أوباما قد تفوق حتى الآن في إدارة حملته التي قامت على حسن التنظيم واستطاعت حشد أكثر من مليون متبرع عبر الإنترنت، بل واستطاعت ربط طاقة الإنترنت بالتحكم المحترف ليتجاوز الأخطاء التي ارتكبها مرشحون سابقون، على العكس من ماكين الذي بدت حملته ضعيفة ومسرفة، ومن حملة كلينتون التي عكست قتالها الضاري وضعفها التنظيمي كما إتضح في أدائها السيئ في ولايات المجمع الانتخابي. ثم يوضح الكاتب الأسلوب التنظيمي لحملة أوباما التي تتميز بالشكل الهرمي، فعلى رأس الحملة يقف ديفيد أكسلرود، صديق أوباما منذ كان في الثلاثين من عمره، ويحارب أكسلرود من أجل فوز مرشحه بشتى الوسائل التقليدية والمبتكرة، ثم يؤكد الكاتب أن أسلوب إدارة حملة أوباما، وليس سيرته الذاتية، هو ما يجب أن يؤكد للناخبين قدرته على قيادة البلاد. كما أنه سيكون قادراً على التعامل مع مؤيديه بالشكل الذي يمنحه ما يريد من قوة وليس بالشكل الذي يُضعفه. لكن الخوف هو أن يقع أوباما فريسة لما دمر الرئيس وودرو ويلسون وجيمي كارتر من قبل، ألا وهو الشعور بصحة رأيه طول الوقت. ففي الانتخابات يحصل الفائز على كل شيء، لكن الوضع يختلف في الرئاسة؛ لأن الرئيس الناجح هو القادر على أن يجعل من نصف الرغيف مكسباً مهماً. ثم يختتم الكاتب المقال بقوله إنه إذا استطاع أوباما الظهور بمظهر المثالي دون تزمت، وإذا استطاع رفع الروح المعنوية لمؤيديه لفترة أطول، وإذا استطاع مزج النظام بالوفرة فقد يستطيع تولي الحكومة جيداً.