أستحضر بيتاً شعرياً من الشعر النبطي لحميدان الشويعر من السيايرة من بني خالد؛ قال فيه: |
|
|
|
|
ولكن عندي أن خير الأمور الوسط، وهو ما نعبّر عنها بقولنا مستور الحال، أي وسطي الحال، لا طالب ولا مطلوب بمال من أحد، فلا هو بالغني الفاحش الذي يطغى ويفسق ويخرجه المال عن العقل والسائد، ولا الفقير المدقع الذي يهان ولا قيمة له عند الأغنياء وربما أن دعوته عند الرب مستجابة أكثر في دجى الليل. |
والغريب أن لدينا شعراء نبطيين أصاب (معظمهم) السعار والهلع والخبال، بل التنكر ولو بطريقة مهذبة حتى جعلهم يخرجون من حدودهم إلى الاستجداء لغير أهلهم الأقربين؛ وذلك بسبب مغريات العطاء والكرم الذي لا ننكره عند أولئك، ومع أنهم شعراء ويعرفون معاني الأولين والآخرين إلا أنهم نسوا. |
داري ولو جارت عليّ مريفه |
وربعي ولو شحوا عليّ كرام |
ثم هم نسوا مثلهم العامي (خشمك خشمك ولو كان أعوج) |
لكن خروجهم ومدحهم بكثير من إهانة ذواتهم ومجتمعهم فيه كثير من الابتذال، بل جحود لمن ربّوهم وهم صغاراً وجعلوا منهم شعراء بارزين يستطيعون عبر الحدود بالقلم والقدم بل وبلعاب يقطر بلا خلف وهذا ما أراه وما أعتقد به شخصياً لو كنت شاعراً مفلقاً مثل أولئك، وربما أني مخطئ أكثر لأن للشاعر النبطي مثل النملة التي تشم رائحة الدسم فتسير إليه حتى تصله ولو كان بينها وبينه صخور عالية صلدة جافة، فإذا ما دارت حول الدسم وحصلت منه على شيء عادت وأخبرت القطيع فسار خلفها، أما إذا ما دارت حول الدسم ووجدت سوراً لا تصل عبره عادت إلى مقرها وهي تتحسر على مشوارها في الحر والقر الذي لم تنل منه إلا التعب وضياع الجهد لها ولصويحباتها المكافحات من أجل السكر والعسل وربما تعود برائحة الإبط المنتنة والبصل!!!. |
هذا منحى من مناحي الشعر النبطي الذي أخرجه المتأخرون من مناحي وأهداف الرجولة وتسجيل المواقف الحميدة إلى التسكع على الأبواب والعودة دون محصلة تحفظ الوجه على الأقل، ويحكى أن ثعلباً نشيطاً وذا حيوية قوية وله صوت جهوري ذهب إلى مكان فيه ملح، فسألوه: إلى أين أنت ذاهب يا أبا الحصين؟! |
فصاح بكل نشاط وقوة: إلى الملح. فلما عاد أبو الحصين منهكاً دون أن يجد لحماً مشرحاً ومملوحاً عند الملح البعيد جداً وقالوا له: من أين أتيت يا أبا الحصين؟ قال: (من آآآ... لمل... إ....ح). قالها بصوت متهدج ومتقطع وتعب جداً. |
فاكس 2372911 |
|