هذا الموضوع أشبه ما يكون بالبكر للمبدعين، ويحتاج إلى خيال واسع، وقدرة على بناء وحبك الأحداث، ولغة سهلة مأنوسةٌ طيّعة تخاطب جميع الفئات. من سينهض بهذا الموضوع كعمل روائي سينال بالتأكيد شهرة عريضة، وسيكتب لآثاره الرواج والانتشار في هذا العصر الذي هيمنت عليه المرأة تحت مظلات كثيرة، رسمية وغير رسمية. والروائي الحاذق لا يستعصي عليه تأليف الأحداث، ولا يعوزه الجمع بين خيوطها، الحقيقية وغيرها. ومثل هذا الاتجاه في العمل القصصي ليس بجديد، لكنه أخذ طابع الإقليمية، ومحدودية الزمن، والتصوير الجزئي لبعض المواقف التاريخية.
* في مطلع هذا القرن، وبعد عقود من التمهيد الفكري، وبراعة التسويق دخلت المرأة في سباق قوي ومعركة عنيفة شرسة مع الرجال انتهت ببعض التضحيات، وذلك بغية الوصول إلى سدة الحكم، والتمثيل في المجالس النيابية والشورية، وبالفعل حققت ما كانت تصبو إليه وتطمح في بعض البلدان، وعدّلت من أجل ذلك القوانين وكسرت، وأوّلت بعض النصوص الشرعية، بل وخرّجت تخريجاً يتكيّف مع الواقع، وعدّ ذلك سمة من سمات المرونة في الدستور والمنهج.
* مجتمعات كثيرة تترقب وتتنبأ بتغير وجه هذا التاريخ الكالح، واختلاف في مجرى هذه الحياة وطوابعها الشريرة، حين تتسنم (المرأة العصرية) ذروة القيادة والزعامة.
* ربما يتحقق هذا التصور فيما لو دانت للمرأة ولسلطتها الدول ذات القوة العسكرية، والنفوذ السياسي، والهيمنة الاقتصادية، والسيادة الدينية، فمن شأن هذه الأقطاب القوية والمؤثرة حين يتاح لمجتمع الإناث التحرك فيه، وإدارة دفتها عبر قرن أو أكثر من الزمن، من شأن ذلك أن يتغير السلوك البشري بشكل جذري.
* يبقى السؤال المطروح، والذي يشكّل هاجساً مؤرقاً، هل هذا التغيير سيكون الأفضل للشعوب والحضارات، أم للأسوأ؟ هذا الحكم من المؤكد أنه سيكون للتاريخ وللأجيال التي ستعايش هذه الحقبة الناعمة والخصيبة من الزمن، أو هكذا يفترض ونتخيّل.
* في التراث العربي، والتاريخ المعاصر أثبتت المرأة، وفي أكثر من موقف سداد رأيها ذي الطابع الشوري البحت، ولم توضع المرأة في مراكز صنع القرار، وفي مواقع الآمر الناهي، لأسباب كثيرة لها منطقيتها ووجاهتها وبعضٌ من شرعيتها.
* كما أن للمساواة حدودا، وللانفتاح والتحرر مساحات، كذلك التطرف في التضييق عليه ومصادرة رأيها له حدود، وليس من الضرورة أن يكون اقتحامها لهذه المواقع من باب المساواة، والحرية، والانفتاح، والإباحية.
* فيما أعلم لا يوجد دستور، أو قانون ساوى الرجل بالمرأة، وحملها من المسؤوليات والتبعيات ما يتحمله الرجل، وإن وجد فهو لا يعدو كونه صورياً.
وفي مختلف الثقافات والقوانين يجرّم الرجل وتضاعف عليه العقوبة في الحوادث الجنائية التي تكون المرأة طرفاً فيها، بخلاف فيما لو كانت بين جنسين متماثلين، ويعزى ذلك إلى اختلاف التكوين الجسمي، والنفسي، والاجتماعي.
* من المؤكد للجميع أن الدول تسير في هذا الاتجاه، إما عن قناعة، أو إكراه، أو تقليد، وما على المجتمعات إلا مراقبة أوجه التغير، وما على التاريخ إلا التدوين. يبقى الرجاء والالتماس، والعفو، كما قيل عند المقدرة، نحنُ في الماضي شيّعنا شهداء (الحب) للمرأة، وفي الحاضر والمستقبل سيشيّع شهداء (السياسة)، إذا لم يكن هناك نظرة حانية متسامحة تجاه الرجل الذي بطش واستبد في عوالمهنّ حيناً من الدهر.
dr_alawees@hotmail.com