Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/04/2008 G Issue 12988
الأحد 14 ربيع الثاني 1429   العدد  12988

(من أعلام الرس: الشاعر محمد بن سليمان الخربوش)

 

هو محمد بن سليمان بن دخيل بن حسن بن سليمان الخربوش، ويقال له بين جماعته وأهل الرس (أبو خريبيش).

وأسرة الخربوش أسرة كريمة فاضلة يُروى بأنها سكنت الرس في حدود عام 1075ه ولكن هذا يحتاج للتأكيد مع غيرها من الأسر وأفرادها لهم علاقات طيبة مع الأسر الأخرى في الرس ولهم سمعة حسنة، كما لهم ذكر في عدد من المدن في المملكة وبعض الدول العربية الأخرى.

ومن أسرة الخربوش رجال مشهورون بالشجاعة والحروب منهم الشاعر الكبير إبراهيم الدخيل الخربوش الذي يسمونه (شاعر الحرب والفخر بالرس) ومن قصيدة له مشهورة قال:

حربنا خابرينه أول وتالي

كل باشه يجي ينكس بعرضيه

كل باشه يجينا يطلب العالي

يطلب الصلح والدولة علاويه

يا هل الحزم يا ماضين الأفعال

دوسو الراي والقومات عجميه

أما الشاعر محمد بن سليمان الخربوش فيروي فهد الرشيد في كتاب (شعراء من الرس ص 146) بأنّ محمد بن سليمان الخربوش ولد عام 1300هـ، ويقول ابنه عبد الله بأن ولادته قريبة من هذا التاريخ.

وكان شاعراً مشهوراً من شعراء الرس المحسوبين، بدأ حياته مع العقيلات يسافر معهم إلى مدن الشام ويتاجر بالبضائع كما يتاجرون. ثم سافر إلى المدينة قبل الجوف أي قبل عام 1340هـ وعمل جندياً مع عسكر الشريف مدة من الزمن، ثم عاد إلى الرس.

وعندما بعث الملك عبد العزيز عساف بن حسين العساف إلى الجوف أثناء مرحلة التأسيس في شهر ذي الحجة من عام 1340هـ لإخراج ابن شعلان منها وضمها تحت لواء الدولة السعودية، ورافقه مجموعة من أهل الرس منهم: الشاعر محمد بن سليمان الخربوش وحماد بن علي الشنيف ومحمد بن عبد الرحمن العقِيل ومحمد العويد وصالح السمري وغيرهم. وعملوا خويا عن الأمير عساف.

ويذكر لي ابنه عبد الله بن محمد الخربوش بأن والده كان يعمل خَوِيّاً عند الأمير عساف، ثم عيّنه أميراً على أحد المراكز التابعة لإمارة الجوف ومعه عشرة خويا من أهل الرس لا يزال بعضهم يذكره بخير. وعندما عاد عساف الحسين من إمارة الجوف إلى الرس واستلمها منه عبد الله بن محمد العقيّل عام 1344هـ استمر محمد الخربوش معه في الإمارة. وبعدما استلم النشمي الإمارة ترك محمد الخربوش العمل فيها وامتهن التجارة في محل تجاري خاص به في الجوف مدة تقرب من أربع سنوات. وأخيراً عاد إلى الرس في حدود عام 1348هـ، والدليل عليه ورود ذكره في وثائق الرس منذ عام 1348هـ حتى عام 1359هـ، وأمضى فيها بقية حياته بين أبنائه وأسرته حتى توفي.

ومن الوثائق التي ورد ذكره فيها ما يلي:

- له شهادة عام 1348هـ بأن إبراهيم بن عبد الكريم الذويب صبّر دكان جده محمد على عبد الله السعد الدهلاوي الذي يقع ملاصقاً لبيت سعد جهة القبلة وجنوباً عن حسو الطريفي بخط الكاتب محمد بن إبراهبم الخربوش.

- كذلك له شهادة عام 1353هـ على أن حسين الحمود بن مطلق باع بيته في القوعي عبد الله السعد القرقيسي بخط الكاتب محمد بن إبراهيم الخربوش.

- كذلك ذُكر في عام 1356هـ في وثائق الرس حيث أقر أنّ في ذمته لعبد الله بن منصور المالك مائة وخمسة ريالات بخط الكاتب محمد بن إبراهيم الخربوش.

- وورد له ذكر في الوثائق يدل على أنه كان في الرس في: 8 جمادى الأولى عام 1359هـ.

كان محمد بن سليمان الخربوش شاعراً من شعراء الرس المحسوبين، وقد ترجم له الأستاذ فهد بن منيع الرشيد في كتابه (شعراء من الرس ص 146) ست قصائد ووصف شعره بقوله: (كان شاعراً مجيداً ويغلب على شعره الغزل، بالإضافة إلى تصوير الحالة الاجتماعية والأحداث التي مرت به ووصف حوادث الزمان وتقلُّبات الأيام، وهو ابن عم الشاعر إبراهيم الدخيل وحفظ الكثير من شعره).

وسوف نستعرض القصائد التي وردت في الكتاب ونقوم بتصحيحها مع ابنه عبد الله.

أولها: القصيدة المشهورة والتي قالها عندما كُلّف بمهمة إلى الجُوبة وقد تكون هي الجوف، وعند العودة مرّ بقرية تسمى (نخيب) يسكنها جماعة من الصلبة ورأى مجموعة من النساء أخذ يتغزّل بهن، وقد يكون ذلك من باب التسلية لأنّ الشاعر يقول ما لا يفعل .. قال فيها:

يا مير قلبي قعد بنخيب

ما ضَنّتِي ياصل الجُوبة

قلبي قعد مع بني صليب

خلّنه البيض لعبُوبه

تغامزنْ فيه للتهريب

كلٍ تبي تاخذه نَْوبه

واحْتَجْ وحده كلام مصيب

تقول أنا خِطتْ له ثوبه

شهدتْ له أمّهْ بنقش الجيب

كله على شان مطلوبه

يا حلو ريحه نسمها طيب

مع ريقها قطرة الذِّوبه

إلى وردنا على التشريب

إلى ان الأموال مقضوبه

أمرٍ ولا صار له تجنيب

مقسوم وخطاي مكتوبه

وان كان طرد الهوى به عيب

يا أميرنا يا الله التوبه

ثانيها: وفي وقت من الأوقات قلّت حالته المادية وضاقت عليه الدنيا، واحتاج للمال من أجل أن يسافر في طلب الرزق فلم يجده فاضطر إلى أن يبيع بعض مواعينه حتى يؤمِّن حاجات السفر، فقال قصيدة يشكو فيها حالته المادية ويصف جور رفاقه تجاه:

البارحة ما طبّق الجفن بالعين

كنّه يحط بناظر العين ذرنوح

من ضيقة بالصدر هيّضت بيتين

متضايق فيها من الصوح للصوح

عبد السلام الخالد انك تشاكين

إن شرت بالمقعاد وإلاّ فأبا أروح

صالح وعبد الله إلى جيت قازين

يقولون ما نقعد على غير مصلوح

دوّر لنا كروة ترى الصبح ماشين

وإلاّ فسامحنا وتراك أنت مسموح

جيت القصير وقال ما عندنا شين

بابه يْصَكّ وباب الإله مفتوح

قبله حمد جيته ونجهني ذاك الحين

يوم التمر في عالي السطح مكذوح

عذره يقول الناس عندي كثيرين

وخَطِيّةْ الطيب ولو زلّ مدموح

والله فلا هم باللوازِم رديّيْن

لا شك ما الله حط لي عندهم نوح

وان جيت راعي العيش قال لي ريالين

وان جيت راعي التمر وإلاه ذابوح

يقول من وزنه وسعيه معيّين

لو تنهزم بالليل والصبح مطروح

ولدّيت للبدّه لبعض المواعين

قلت اظهروه وحاجة الروح للروح

وبعنا لنا قدر بخمس وثلاثين

لو كان ببيع القدر ما نيب ممدوح

نبي نعبّر حالنا فيه هالحين

من قبل ما يجري على العمر ساموح

أنشدك عن عذرا تصفّ الجناحين

من غير عقل وبالجسد ما لها روح

واللي يعرفه له مع الحق حقّين

وإن ما عرفتوا مثل ما قلت مسموح

وصلاة ربي عدّ ما ذعذع الغين

واعداد ما يكتب من الحبر باللوح

على النبي الهاشمي صفوة الدين

اللي لنا في درب أثاريه مصلوح

الثالثة: كان يسندها إلى صديقه ابن نمش من قبيلة مطير وهو من بوادي الرس حصل بينهما صداقة وأشعار، ويقول ابنه عبد الله بأن ابن نمش كان في الجوف مع والده وكان شاعراً قوياً كان بينه وبين أبو خريبيش مساجلات قال فيها:

يا ابن نمش قلبي تزايد همومه

يدك به مع كل الآفاق هوجاس

أنشدك عن فاطر ذلول مهيومه

يا حلو نفسه كان عندك له إلْبَاس

لأحد من عياله عطوف ترُومه

وأحد من عياله تذِبّه على الساس

ولها ذكر من كبر نفسه وزومه

ما تنتهرج كبر نفسه على الناس

وأنشدك أنا عن شارتين معدومه

راحت ولا عنها من الناس جَسّاس

أول ترى العاني تقطع سلومه

ثاني خبر تنشد وأعلمك من رأس

خطو الولد لو شفت سَنْحَت هدومه

تنكس وهو ما بَلّ أشافيك يِبّاس

مثل القعود اللي تزاين رسومه

وفِقْرة سنامَه فوقه أكبر من الرأس

لو هو كبير وافيات لحومه

ما شال حمله كل ما شال ينحاس

وبلّغ سلامي كل سكان دُوْمه

وأهل سكاكا وخص لي جملة الناس

وآبوي محلى طبعهم بالعزومه

يبرهجون الباب ما فيه متراس

اللي إلى جاء في معاني لزومه

يقلط كما يقلط على الخيل فرّاس

ما هوب مثل اللي توقّف بشومه

عن الضعيف يحط بالباب حرّاس

ويقول بأنّ تلك القصيدة لم تصل إلى ابن نمش والدليل عليه قول ابن نمش في رده على (ابو خريبيش):

أرسلت لي مكتوب يا ابو خريبيش

والخط ضاع ولا فهمنا جوابه

سقوى سقى الله يوم حنا على الجيش

الرابعة: كان يسكن الجوف في إحدى السنوات وأصيب بمرض أقعده عن العمل وعن السفر إلى ديرته، ثم سافر رفاقه إلى بلدانهم وبقي وحيداً حتى برئ من المرض، ولما وجد نفسه وحيداً بعد سفر أصحابه قال القصيدة التالية يشكو حالته:

يالله ياللي عن عبادك غناوي

يا رافع بابات ناس على ناس

تفرج لمن خلّوه بالدوداوي

وخلّنه العيرات بالدو محتاس

خلّنه العيرات بأرض خلاوي

ما له صديق ولا قعد حوله وناس

لا قول موتي والحياة متساوي

من ديرة شفنا بها كسرة الباس

والله ما أنسى ليلة بت قاوي

رهنت فيها دلتين ومحماس

واحمد ولي العرش ما ني جلاوي

ما غير أدوّر عز راسي ونوماس

قالوا غويت وقلت ما نيب غاوي

دورت في قلبي على كل هوجاس

ربعي عقيل إلى انتخوا بالعزاوي

ما يضربون إلاّ على قلة الرأس

يا ما شبع من ضفهم من فْداوي

خلّوه يِرْشَم له خطوط بقرطاس

والقصيدة الخامسة: يسندها على صديقه الشاعر ابن نمش ووصله رد ابن نمش عليها، قال فيها:

يا ابن نمش ساعة لفونا الطراريش

في خطكم قلتا هلا مرحبا به

ذكرتنا عصر مضى لنا على الجيش

وقت مضى عصر لنا واسفا به

يوم إن دب الهِيْشْ ما يظهر الهِيْشْ

وقبل الحصاني يفرسن الذيابه

ياما شربنا من مقور النشانيش

مع دوديان يلاعب سرابه

مقور الشفاوي والغضاري على الجيش

إلى من خوي اللاش كنهر وهابه

وعندك خبر بنخيب قل للدريويش

يوم إن ابن جبرين توقّف ركابه

وينخا ضويهر هو وفيصل مطاريش

كل يزوم بجمعته ويهقابه

وحنا على مانا ندق الشوابيش

حرم عليهم شربة من جنابه

قفى وربعه والركايب معاطيش

لَمَا طلب عاني بعاني وجابه

وعقب تعاقبنا الذبايح على العيش

وصبح بعضنا من بعضنا قرابه

وتقول مقعادي بداري على ويش

أنا بعز الله وحكمة جنابه

أنا أحمد الله لي عيال حواويش

طيور السعادة كل من حاش جابه

تذكر لي إنك بين وطبان ووحيش

مرٍ على الدحّه ومرٍ ربابه

بالديرة اللي جعلها للمراهيش

بين النفود وبين شامخ هضابه

الزين لو قدّمت للآخرة عيش

وتتوب للمولى وترجي ثوابه

واليوم ما ودك ببعض التفاتيش

وبرق يعقبك لا تخايل سحابه

والله لو إنك تصير أظفر من أيش

إن الفخر لأهل القلم والكتابه

والقصيدة السادسة: قالها عندما كان يعمل عسكري في المدينة المنورة وتذكر جماعته وأصحابه في الرس وأخذ يتشوق لديرته، فقال القصيدة يسندها إلى طير كان على مقربة منه ويطلب أن يرد له أخبارهم، وهي رد على قصيدة أرسلها إليه والده قالتها الشاعرة رقية السعد الصالحي على لسان الوالد:

يقول ابن خربوش هيّض عليه

مرقاب عدّيته وكثرن الأفكار

يا طير أنا أوصيك مني وصيّه

حيثك سريع لي على رد الأخبار

خص الجماعة كلهم بالتحيّة

نعم بهم وإن جو على العسر ويسار

ملفاك ابو منصور زبن الونيّه

صبي حزم ما وطى درب الإنكار

إلى لفاك الطير ردّه عليه

يخبّرن طير السعادة بما صار

أما نجي ونخلّي العسكرية

توفي الشاعر محمد بن سليمان الخربوش كما يفيد ابنه عبد الله في الرس في تمام الساعة العاشرة والثلث عصراً من يوم :30 رجب 1383هـ.

عبد الله بن صالح العقيل


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد