محلياً لم نستطع أن ننقل هموم البيئة ومشكلاتها إلى دائرة الوعي، فما زالت الأصوات حول هذا الموضوع خافتة ومتفرقة وتخضع للمناسباتية في كل الأحوال، فحملات الحفاظ على البيئة لم تكوِّن زخماً شعبياً يستطيع أن يصعِّد هذه القضايا لتصل إلى مرحلة الهمِّ العام.
وعدا المبلغ الذي رصده خادم الحرمين الشريفين للبحوث المتعلقة بالحفاظ على البيئة من التلوث النفطي عقب مؤتمر أوبك الذي عُقد في الرياض، فإن الاهتمام بهذا الأمر ما برح يدور في حيز ضيق ولا سيما على النطاق الإعلامي التوعوي.
مؤخراً.. هناك عدة مدن كبرى في العالم تضامنت مع حملة عالمية في هذا المجال منها مدن (سيدني - هونغ كونغ - ودبي) بحيث أطفأت أنوارها لمدة دقيقة واحدة تضامناً مع حملة عالمية تسعى إلى لفت الانتباه إلى قضايا البيئة والأخطار التي تهددها من جراء ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث البيئي.
مع الأسف محلياً نترك هذه القضايا لمنظمات خارجية، ومؤتمرات دولية، دون أن يكون أحد أهم قضايا الإنسان وعلاقته مع المكان من حوله.. فالفشل في إدارة استخدام الموارد الطبيعية والطاقة بطريقة ملائمة يُمثِّل دائرة متصلة تترصد بالبيئة بصورة متصلة، فقد أشار تقرير الأمم المتحدة الأخير في هذا المجال إلى (أنه لن تتحقق مشاريع التنمية المستدامة إلا إذا تمَّ إيلاء الاعتبار الواجب للبيئة.. ويبدو التدهور البيئي بالفعل على النطاق المحلي والإقليمي والعالمي، مثل تلوث الهواء وندرة المياه العذبة وإزالة الغابات والتصحر والترسبات الحمضية وخسائر التنوع الأحيائي والتغيرات على المستوى الجيني بين المخلوقات الحية، وتدهور الأراضي واستنفاد أوزون الستراتوسفير وتغير المناخ.. فالتصدي للاحتياجات البشرية المتزايدة يسبب في كثير من الأحيان عدة مشاكل بيئية أو يفاقمها، ويزيد من سرعة التأثر السلبي, وعلى سبيل المثال، في ظل الهدف الرامي إلى زيادة الإنتاج الزراعي، يتزايد استخدام المخصبات النيتروجينية والري وتحويل الغابات إلى أراضٍ لزراعة المحاصيل.. ويمكن لهذه الأنشطة الزراعية أن تؤثر على مناخ الأرض من خلال إطلاق الغازات الدفيئة وتدهور الأراضي بسبب تفكك التربة والتملُّح وتقليل التنوع البيولوجي.. وفي المقابل، يمكن لأي تغيير بيئي أن يؤثر على تلبية الاحتياجات البشرية لعلاقته بالتغيرات في حجم ونمط سقوط الأمطار وموجات الحرارة القوية في البيئة الحضرية) وحتماً نرى من خلال هذه الدائرة المتصلة أن أُمنا الأرض قد بدأت تعلن احتجاجها، وتبعث رسائل تحذير قوية، تتمثَّل في ظاهرة التصحر، وندرة الأمطار, وتلوث المجال البيئي وانقراض العديد من المخلوقات، وعلى الرغم من هذا ما زالت قضايا البيئة على المستوى المحلي بعيدة عن بؤرة الضوء والاهتمام، ولا ندري عن دور الهيئة الوطنية لحماية البيئة في هذا المجال؟ لا سيما وأن المدنية الحديثة عاجزة عن أن تعقد علاقة ودية ومتوازنة مع البيئة الطبيعية من حولنا.