من المعروف أن فترة الازدهار التي يمر بها اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي منذ العام 2001 قد آتت ثمارها جيداً، فقد بلغ متوسط النمو الذي شهدته دول مجلس التعاون على مدى السنوات القليلة الماضية نحو 7% وهو لا يعكس بشكل كافٍ قوة النمو الاقتصادي للمنطقة، وبلغ معدل النمو الأسمى لدول المنطقة خلال الفترة من عام 2001 وحتى عام 2007 ما يزيد على20% سنوياً لتأتي دول مجلس التعاون الخليجي في مستوى متقدم بين الدول الأسرع نمواً في العالم، هذا المعدل الكبير في نسبة النمو الأسمى يعكس صورة أكثر دقة لحيوية الأداء الاقتصادي في دول مجلس التعاون.
وخلال تلك الفترة نجد أن واضعي السياسة الاقتصادية لدول الخليج قد اجتمعوا على شكل واحد من أشكال التنمية الاقتصادية، فقد كانت تركز على التنمية الاقتصادية الشاملة في مختلف القطاعات، وبخاصة تلك التي تملك فيها دول مجلس التعاون ميزة نسبية، والتي يمكن أن تحقق فيها قيماً مضافة وبعد اكتمال البنى التحتية والبدء بإنشاء المدن الاقتصادية العملاقة وتطوير المدن القائمة وتوفير النواقص في البنى التحتية اللازمة لمختلف القطاعات وإعطاء تسهيلات كبيرة للمستثمرين وإزالة عوائق كانت في السابق تؤثر على تنافسية دول الخليج الاستثمارية ودعوة المستثمرين الدوليين للاطلاع على الفرص المتاحة لهم كل ذلك ساهم في تحسين الوضع الاستثماري لدول مجلس التعاون الخليجي خاصة في القطاعات التي تمتلك فيها تلك الدول ميزات نسبية، وبعد هذه النجاحات، كان الاتجاه للقطاعات الأخرى كقطاعات الإسكان والإعمار والترفيه والسياحة والمقاولات وغيرها، والتي زادت جاذبيتها مع ازدياد الطلب ووجود فرص للنمو والتطور في هذه القطاعات.
وقد حفزت عوائد النفط المرتفعة عمليات الإنفاق الضخم على المشاريع الاقتصادية، إضافة إلى الإجراءات التي تم تفعيلها من أجل تطوير بيئة الأعمال، وفي ضوء تواصل عمليات الإصلاح وتماسك أسعار النفط عند مستويات مرتفعة وإيجابية المناخ الاقتصادي العالمي، فإن دول مجلس التعاون تتهيأ لرؤية أفضل سنوات النمو الذي يعتمد على القطاعات غير النفطية والتي تدل على تزايد القيم المضافة، وهي مرحلة غير مسبوقة.
وسوف تأتي تلك المرحلة القادمة من الطفرة الاقتصادية مختلفة عن تلك التي شهدتها دول المجلس خلال الأعوام الستة السابقة، ويرجع ذلك إلى الازدهار في المرحلة الأولى من الطفرة إلى قطاع النفط الذي سجل معدلات نمو متسارعة خلال تلك الفترة، وبلغت نحو 8.4% بالمتوسط، ولكن من المتوقع أن يتراجع معدل النمو في قطاع النفط إلى ذيل القائمة خلال الفترة من 2008 إلى 2010، حيث يراوح عند مستوى 0.07% وستتولى الريادة في المرحلة الجديدة قطاعات التصنيع والنقل والاتصالات والخدمات المالية والبناء.
فمن المتوقع أن تصل عائدات دول مجلس التعاون من صادرات النفط الخام إلى ما يتراوح بين 2 إلى 3 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل، وتمثل هذه العائدات الهائلة فرصاً كبيرة أمام دول المنطقة تساعدها في جهودها الرامية لتشكيل مناخ اقتصادي قادر على مواجهة النمو المتسارع للاقتصاديات الكبرى ومواجهة التقلبات التي تحدث باستمرار في الاقتصاد العالمي.