روى أُستاذُنا المتواري علوي طه الصافي في كتيِّبه عن العالم الموسوعي الراحل أبي تراب الظاهري 1343-1423هـ رحمه الله أنه أوصاه بخصلتين: (الصمت والسماع) وقال إن سقراط كان كثير الصمت قليل الكلام.
** ورغم أن التراث مليءُ بالحضّ على تينك الصفتين، إلا أن العربيَّ -بطبعِه- أميلُ إلى (الثرثرة) ما يفوق حدّ الكلام المقبول أو المعقول، ولم يخطئ القصيمي -عليه رحمة الله- حين وصف العرب بأنهم ظاهرة صوتيّة، مع أن أغلب كتبه مكرورة في مبناها ومعناها.
** في مجالسنا نتحدث ولا نستمع، وفي وسائطنا نُنظِّر ولا نطبق، ويتقاطع الكلام مع الفعل في تناسب عكسي، والجعجعة -كما وعينا- لا تنتجُ طحينا.
** كثرت التآليف، وازدادت التحليلات، ولم نعد نميز بين معلق الكرة ومحلل الأسهم وقارئ النظريّة؛ فكله كلام في كلام، والناتج خسائر وأحلام وأوهام.
** لسنا وحدنا؛ وتتكررُ -في الذكرى الخامسة لاستعمار العراق- مقولة الرئيس الأميركي: (جئنا هنا لنجلب الغذاء والدواء والحرية)، وشاهدنا الجوع والمرض والاستعباد.
** باعُونا كلاما وزرعوا ألغاما، وقدّرنا رؤيةَ ابن مالك: (كلامنا لفظ مفيد)، ثم ممارسة ابن سام: (كلامنا: أنتم عبيد) ؛ فلم نُفِدْ ولم نُعِدّ ونستعد.
** فكِّروا في يوم سنوي للصمت؛ فقد نخلص منه بلحظة تفكير حول نواتج الندوات والمؤتمرات والخطب والمحاضرات عبر تاريخ ممتد من الوعود المُخلفة حتى حلّ الغبار محل المطر.
* الكلام كلام.
Ibrturkia@hotmail.com