تسنى لي حضور تكريم سمو الأمير مقرن بن عبد العزيز في اثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة (23-3-1429هـ).. التي شهدها جمع من وجهاء ومثقفي مدينة جدة إلى جانب عدد من أعيان المدينة المنورة التي كان سموه قد فارقها بالدمع المتبادل مع الأهالي عند انتقاله منها.

ويمكن لي القول: إن سموه استطاع أن يواصل من خلال تلك الأمسية تحقيق هدف (الانفتاح) على المجتمع والتواصل مع قطاعاته المختلفة وكسر الحواجز بين جهاز الاستخبارات وأفراد المجتمع المدني.

حيث استقطب سموه اهتمام الحضور ببساطته وتواضعه وفكره النير وابتسامته الدائمة.. في صورة مغايرة لجنرالات الاستخبارات في دول أخرى.. ومقاربة لمسؤولي الاستخبارات في الدول الحضارية المتقدمة.

ولعل الاستقراء التحليلي الموجز لحديث سموه وردوده على الأسئلة والمداخلات.. يخلص إلى المحاور التالية:

1- إيضاح وتجسيد الهدف الأساسي للاستخبارات والمتمثل في الحفاظ على أمن الوطن والمجتمع بالمفهوم الشمولي للأمن بما في ذلك الأمن الغذائي.. على سبيل المثال - كما قال سموه -.

وهذه رؤية مهمة.. بل وضرورية - في تصوري - ذلك أن الأمن لا يتجزأ.. ويتطلب شمولية.. لترابط تداعياتها.. ولذلك حظيت هذه الرؤية بتأييد واسع من الحضور.

2- حدد سموه طبيعة عمل الاستخبارات المتمثلة في المتابعة ورصد وجمع المعلومات وتوثيقها ومن ثم تحليلها..

وبعد ذلك رفعها لمتخذ القرار.. وذلك في كل ما يهم المواطن ويحتاجه متخذ القرار.. بمعنى أن جهاز الاستخبارات ليس جهة تنفيذية.

3- علاقة الجهاز بالمجتمع:

أكد سموه على الحرص على كسر الحواجز بين الرئاسة والمجتمع وتصحيح المفاهيم المغلوطة عنه.. مؤكداً بوضوح أن الجهاز منهم ولهم هدفه حمايتهم.. ويمد يديه للجميع لتحقيق هدف حماية أمنهم وأمن بلدهم. موضحاً أن هدف الانفتاح على المجتمع وكسر الحواجز جاء بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين.. حيث قال: (طالما أن الجهاز هدفه حماية أمن المواطنين والمقيمين فلماذا لا تبلغهم بذلك).

4- التطبيقات الآلية الحديثة:

تحدث سموه عن الحرص على تطبيق أحدث ما توصلت إليه تقنيات الحاسب الآلي والإدارة الإلكترونية في كافة أعمال الاستخبارات.. وهذا ليس بغريب على سموه فهو من الرواد في هذا المجال استطاع أن يجعل منطقة المدينة المنورة في مقدمة المناطق في مجال الحكومة الإلكترونية.. والمؤتمر التاريخي الذي نظمته رئاسة الاستخبارات العامة (مؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني).. يعكس وعياً راقياً لمتطلبات المرحلة ومواكبة فاعلة لتطورات العلم والمعرفة. كما أصبح للاستخبارات موقعاً إلكترونيا تفاعلياً.. حيث قال سموه: إن التواصل بين الاستخبارات والمواطنين رغم قصر الفترة عبر الإنترنت أدى إلى نتائج إيجابية حيث حصلنا على معلومات مهمة وصحيحة عن طريق المواطنين عبر الموقع.

5- المنهجية العلمية:

واضح من حديث سموه الاهتمام باستخدام (المنهجية العلمية) في أعمال الرئاسة.. فهناك - كما أشار - مركز أبحاث متطور.. يعول عليه كثيراً في أعمال الرئاسة.

6- أكد سموه في الأمسية.. الاهتمام بتدريب وتطوير العاملين لا سيما في مجالات الحاسب الآلي.. مشيراً إلى أن الكثيرين من العاملين لديهم الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي.. وأن الهدف هو بلوغ نسبة 95-98% من العاملين لديهم هذه الرخصة. وأشاد سموه بالعاملين في الاستخبارات.. ونوه بدور النساء العاملين في الاستخبارات وبالمستوى العالي للأبحاث والتقارير التي يعدونها.

7- التعاون مع قطاعات المجتمع:

أوضح سموه ترحيبه بدعم الأبحاث من خلال مركز الأبحاث بالاستخبارات.. مرحباً بأي شخص أو جهة ترغب في إجراء أبحاث علمية لها صلة مباشرة أو غير مباشرة باهتمامات الرئاسة.. وأن الرئاسة على استعداد لتوفير جميع سبل الدعم اللازمة.

وفي إطار التعاون مع قطاعات المجتمع أشار سموه إلى أن بعض رجال الأعمال السعوديين طلبوا من الاستخبارات معلومات عن بعض الدول التي يرغبون في التعامل التجاري معها.. ولقد تم تقديم معلومات متكاملة لهم.. فالاستخبارات من المواطن وللمواطن والهدف واحد. إجمالاً يمكن القول أن سمو رئيس الاستخبارات استطاع الوصول إلى الحضور مبلغاً رسائل مهمة تتمحور حول الانفتاح والهدف المشترك.. و(حضارية) الجهاز في هيكلته الجديدة. فالحضور عبر عن انطباعات إيجابية عقب نهاية اللقاء. ولعل الرغبة في العمل والتوظيف بالاستخبارات التي عبر عنها بعض الحضور من النساء والرجال.. في نهاية اللقاء.. تجسد نجاح سمو الأمير في إيصال رسائله.