تتزايد حالات العنف الأسري وتفاجؤنا الحالات الإجرامية والعدوانية التي يرتكبها آباء ضد أبنائهم أو أمهات ضد أبنائهن أو الأخ ضد أخيه.... فقد سمعنا وتكررت قصة الأب الذي قتل ابنته بعد تعذيب مستمر وقصص متعددة تدل على غياب الوازع الديني والأخلاق الإسلامية والجوانب الإنسانية التي كانت (ولا تزال) هي السائدة في مجتمعنا الإسلامي الجميل، ويخشى بعض الباحثين في الجوانب النفسية والأمراض السلوكية أن تتزايد هذه الحالات مع تقدم الزمن فنصل إلى مرحلة مخيفة من إنعدام الجوانب الإنسانية في ترابط المجتمع. ويجب أن نقف وقفة صارمة قبل تفاقم هذه المشاكل وندرس الخطوات العاجلة للحل ونوقف عجلة الانزلاق في مهاوي العنف الأسري.
ويجب على الدعاة والمصلحين والإعلاميين الوقوف في وجه هذه الظاهرة لتوعية المجتمع وكشف جوانب القصور في بعض العلاقات الأسرية التي لا بد أن هناك اسباب واضحة ولكنها لم تكتشف لأصحاب الحل والقرار، فعلى سبيل المثال:
هناك مرضى نفسيون بدرجات متفاوتة، ولا يعلم المجتمع القريب منهم عن سلوكياتهم المريضة إلا بعد وقوع عنف قد لا تحمد عقباه، فيقتل المريض النفسي، ابنه أو زوجته فيستيقظ المجتمع على هذه الظاهرة ثم يكتشف المحققين أنه مريض نفسي!! وقد يلاحظ القريبين منه بعض التصرفات الغريبة فيسكتون عنها لكي لا يقال إن أباهم مريض نفسي؟؟ أو تسكت الزوجة وتتغاضى لكي لا يقال أن زوجها مريض نفسي، فتؤثر العاقبة السيئة والجريمة المنتظرة لكي لا يقال عنه شيئاً!! هناك بعض الآباء من متعاطي المخدرات الذين لا يعلمون عن تصرفاتهم شيئا فيعذبون أطفالهم وزوجاتهم ولذا يجب تثقيف الزوجات بضرورة التواصل مع الجهات الرسمية التي تنقذهم من الكارثة والعنف قبل وقوعه، ولو أن لدينا جهات اجتماعية وتطوعية عاملة ومتواصلة مع فئات المجتمع بطريقة مباشرة وإيجابية لأمكن التقليل من تلك الجرائم والعنف الأسري قبل وقوعه.
ويوجد في دول كثيرة أرقام خاصة يتصل بها من يعاني من ظواهر العنف أو بوادر العنف الأسري، ويتعلم ألأطفال هناك في مدارسهم أرقام سهلة الحفظ ومفتوحة 24 ساعة لكي يتصل بها الطفل ليخبر العاملين بالجهات المتخصصة بأنه يعاني من عنف أسري أو يتعرض لجوانب سلبية... فيهب العاملون ويصلون للمنزل لينقذوا ما يمكن إنقاذه، ورغم حصول بعض الاتصالات المضحكة أو غير المهمة إلا أنه يحصل أن يتصل طفل قبل أن يتم اغتصابه أو زوجة قبل أن يفترسها وحش إنساني.
وفي تجربة لي شخصياً في الرد على هاتف الاستشارات الأسرية في أحد مراكز الحي بالرياض وكذلك تجارب زملاء لي تعاونوا مع الهاتف الأسري الاجتماعي لمؤسسة الشيخ عبدالعزيز بن باز لمساعدة الشباب على الزواج وجدت كما وجد زملائي أن لدينا كم هائل من المشاكل الأسرية التي يمكن حلها ببساطة قبل أن تتفاقم! وقد يكون الحل بمكالمة هاتفية؟ أو اتصال رسمي بمن يفيد ويحل المشكلة! ووجدنا آهات مدفونة ومآسي كبيرة كان بالإمكان أن تحل بالتواصل الاجتماعي والسماع والتفاعل الخيري والسلوكي, فهذه زوجة تشكو من سلوك زوجها المتعاطي للمخدرات والذي ينذر بحصول جريمة!!!، وأخرى من ابنها الذي دخل في متاهات المخدرات وثالثة تشكو أباها الذي تزوج أخرى وتركهم بدون أي اهتمام... إلخ وهي مشاكل تحدث في جميع المجتمعات ولكن الأهم هو وجود جهة تسمع وتشارك بالحل فأتمنى أن يتم وعبر جهات رسمية وتطوعية خيرية تخصيص أرقام هواتف خاصة لتلقي الشكاوى الأسرية، والتفاعل معه اجتماعياً وتطوعياً ورسمياً فهل ننبري لذلك؟؟
khodairy@kfshrc.edu.sa