Al Jazirah NewsPaper Monday  07/04/2008 G Issue 12975
الأثنين 01 ربيع الثاني 1429   العدد  12975

دفق قلم
التّصوُّر المقلوب
عبدالرحمن صالح العشماوي

 

كلَّما رأيت حديثاً منشوراً في صحيفة عربية عن إمكانية وجود سلام عادل تحترمه الدولة الصهيونية، خطرت ببالي جملة (التصوُّر المقلوب) وكلَّما سمعت متحدثاً عربياً مسلماً عبر إحدى وسائل الإعلام عن مسؤولية المقاومة الفلسطينية في غزة وفي الضفة عن العنف اليهودي، فهي السبب في وجود هذا العنف، تجسَّدت أمامي عبارة (التصوُّر المقلوب)، أما حينما نرى قوى الاحتلال الغاشمة تقتل وتهدم وتسلب وتسرف وتثير ما أسمته ب(الفوضى الخلاَّقة) في عالمنا الإسلامي، فإن عبارة (التصوُّر المقلوب) تصبح حقيقة ماثلة للعيان.

ويصبح (التصوُّر المقلوب) مرضاً خطيراً عندنا نحن المسلمين حينما نجد إنساناً عربياً مسلماً يتجاوز بلسانه وقلمه المساس بمسلَّمات التصوُّر الإسلامي للكون والحياة والإنسان، إلى المساس بثوابت ديننا التي يقوم عليها كيانه العظيم، وهل يكون الدَّوران النكد حول التفسير المغلوط لمعنى (لا إله إلا الله) إلا تصوُّراً مقلوباً يدلُّ على جرثومةٍ خطيرةٍ لمرض خطير؟.

إننا نعيش - والله أعلم - في عصر (التصوُّر المقلوب) جملةً وتفصيلاً، والدلائل على ذلك كثيرة، فحفلات المجون والخلاعة ومظاهر التهتُّك، وإعلام الصدور النسائية المفتوحة والأجساد العارية في البرامج، والأفلام، والإعلانات التجارية تُعَدُّ في عُرْف أصحاب (التصوُّر المقلوب) حضارة وتقدُّماً، وحياةً مقبولة يفرضها الواقع المعاصر، ويقبل بها المتطورون ا لمتحضرون، أما الحشمة والوقار، والحجاب الشرعي، والحياء، ومراعاة الآداب والأخلاق الفاضلة فهو تطرُّف وتخلُّف وإرهاب ورجعية.

وإذا تجاوز حدود الشرع متطرِّف متنطِّع في الدين، فكفَّر وفجَّر وخرج عن الجادة، فإن كلَّ مسلم ملتزم بدينه يصبح في عُرْف أصحاب (التصوُّر المقلوب) مسؤولاً عن ذلك العمل المشين وإن تبرَّأ إلى الله منه، وأعلن رفضه له، وهنا تصبح هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وخطب الجمعة، والدروس الدِّينية، والأدب الإسلامي، والتزام المرأة المسلمة بحجابها، والدعوة إلى عدم الاختلاط الفاسد، وعدم المتاجرة الإعلامية الإعلانية بجسد المرأة، تصبح هذه الأمور المهمة شرعاً في عُرْف أصحاب (التصوُّر المقلوب) أعمالاً متطرفةً داعمة للإرهاب، داعيةً إلى التكفير والتفجير.

إنه (التصوُّر المقلوب) هذا المرض الذي أصبح كالطاعون يَخْفَى حين يستشري، ما أظنُّه إلاَّ فاتكاً بالأمة واستقرارها إذا لم يواجهه ولاة الأمر، والعلماء، والمصلحون مواجهة واضحة صريحة تكشف أبعاده، وتحمي المسلمين من شرِّه.

إشارة:

زمن ضاعت الموازين فيه

فغدا الدرهم الرديء جنيها

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد