Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/04/2008 G Issue 12974
الأحد 29 ربيع الأول 1429   العدد  12974
إتحاف الأنام بمن اسمه سلمان من الأعلام

إن مَنْ قرأ التاريخ بتمعن وروية، وجد أن من كتب فيه بغض النظر عن صدقه وإخلاصه، أو كذبه وتدليسه، أقول: يجد مَنْ كتب قد سلك مسالك عديدة، فمنهم مَنْ كتب التاريخ بالسنين والشهور، فيبدأ بسنة معينة ويذكر ما جدَّ فيها من أحداث كونية أو أمور سياسية أو تغير حالة أو ولادة أشخاص ووفاة آخرين وذلك مثل ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية) و(تاريخ ابن خلدون) والطبري في تاريخه (الأمم والملوك) وابن الأثير في كتابه (الكامل في التاريخ) ومثلهم في القرون المتأخرة الشيخ عثمان بن بشر في كتابه (عنوان المجد في تاريخ نجد) أو الفاخري أو ابن ربيعة أو ابن عباد أو ابن منقور أو ابن بسام في كتابه (تحفة المشتاق) وغيرهم كثير.

ومن المؤرخين مَنْ كتب في الأعلام دون أن يتطرق للأحداث التي عاصروها وهم ينقسمون إلى أقسام عدة:

1- من بحث عن الأعلام بشكل مطلق دون تحديد بلد أو زمن مثل ابن خلكان في (وفيات الأعيان) وخير الدين الزركلي في (الأعلام).

2- من بحث عن الأعلام حسب السنين مثل (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع) و(الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة).

3- من بحث عن أعلام دولة أو مدينة مثل (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة).

4- من بحث لطائفة معينة من الأعلام مثل الصحابة (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر، أو الملوك مثل (الجوهر الثمين في سير الملوك والسلاطين) أو الأدباء والشعراء مثل (الشعر والشعراء) (معجم الأدباء) أو المؤلفين (معجم المؤلفين) أو الفقهاء والمحدثين مثل (الطبقات السنية في تراجم الحنفية).

5- من المؤرخين من خصص البحث لمن فيهم عاهة من العاهات مثل الجاحظ في كتابه (البرصان والعرجان والعميان والحولان).

6- ولقد قلَّ مَنْ كتب من المؤرخين عن الأعلام الذين يشتركون في اسم معين دون غيره من الأسماء، مثل جمال الدين القفطي في كتابه المسمى (المحمدون من الشعراء وأشعارهم) ومحمد بن داود بن الجراح صنَّف كتاباً من (من اسمه عمرو من الشعراء في الجاهلية والإسلام).

ومن هؤلاء صاحب الكتاب عنوان المقال وهو الأستاذ صالح بن محمد الجاسر، وهو رجل عرفته عن قرب بكثرة المطالعة وتمييز الغث من السمين في موروثنا الأدبي والتاريخي، فبدأ منذ أربعة أعوام في العمل على هذا الكتاب حيث قد رجع إلى أكثر من مائة وعشرين كتاباً، حيث يحدوه إلى تأليف كتابه هذا (إتحاف الأنام بمن اسمه سلمان من الأعلام) حبه الشديد الصادق لرجل أحبه ملايين البشر، لنبل أخلاقه، وطيب معدنه، وتواضعه الجم وعلمه الغزير، أمير المؤرخين وقائد الأدباء، ورائد الإدارة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، وهو الذي منع كثيراً من المعجبين به أن يؤلفوا عن سيرته، إلا أنه تغاضى عن المؤلف لأجل أن اسمه من بين أعلام سابقين حملوا هذا الاسم (سلمان) فرضي بالرصد التاريخي ليس إلا.

صدر هذا الكتاب في غرة شهر ربيع الأول من هذا العام 1429هـ بدأه بمقدمة ضافية بيَّن فيها بأسلوبه السهل الممتع طرق المؤلفين في رصد سير الأعلام وهو ما قدمناه آنفاً، وشرح طريقته في هذا الكتاب وهي: أنه أدرج في هذا الكتاب من حمل اسم (سلمان) حتى وإن اختلف المؤرخون في رواياتهم للاسم مثل:

(سليمان) أو (سلمه) وبيَّن أن الكتاب معني بمن حمل الاسم دون النظر إلى ما تضمنته سيرته من عمل حسن أو سيئ وبيَّن خلال بحثه أنه توصل إلى أمور منها:

أ - أن من حمل اسم (سلمان) قليل من الأعلام في السابق.

ب - أن من حملوا هذا الاسم هم من الصحابة والمحدثين.

ج- أن المؤرخين اختلفوا حول أسماء بعض الذين حملوا اسم سلمان فذكروا في مراجع عديدة على أن اسمهم (سليمان) وأحياناً (سلمه) وبعضهم ذكر سلمان وسليمان، في أثناء الحديث عن شخص واحد.

وفي مقدمته بيّن أن مراجع سيرة كل علم ذكره في كتابه مقيدة في آخر الكتاب بنفس رقمه الذي حمله في الترجمة، وبعد ذلك عقد فصلاً بعنوان (سلمان) أهداه إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض اعترافاً بفضله، وكتب فيه سيرة مختصرة جداً عنوانها (بين سلمان الإنسان وسلمان الاسم) ذكر فيها ملامح من سيرته منذ ولادته إلى عامنا هذا وذلك بما تولاه هذا الرجل من نشاطات إنسانية واجتماعية حيث تولى سموه جمعيات وهيئات داخلية عددها ثماني عشرة جمعية، كما تولى سموه جمعيات خارج المملكة وعددها سبع عشرة جمعية، كما حصل على عشرة أوسمة وأوشحة داخلية وخارجية، وقال عنه (حالة نادرة وقليلة التكرار، يتميز بشخصية آسرة ومؤثرة، يأسرك بأخلاقه وبعلمه وثقافته، مرجع في التاريخ والأنساب، عارف بالسياسة وخفاياها ورجالاتها، ذو رأي وحنكة وبُعد نظر، توكلنا على الله عبارة لا تفارق لسانه عند كل أمر يريد إنجازه، الكتابة عنه أمر بالغ الصعوبة)، وبعدما ألمح إلى سيرة الأمير سلمان وضع مدخلاً للكتاب، جعل منه فصلاً (الاسم أول صفة للإنسان) بيَّن فيه الاسم واشتقاقه وتأثيره في الغالب على المسمى، ومصادر الأسماء عند العرب وأن غالبيتها ترجع في أصولها إلى أسماء النبات والطير والسباع، أو الصفات التي تحمل اللين أو الشدة أو الشهور أو ما يراه الأب بعد ولادة ابنه إلى غير ذلك ثم عقد فصلاً في (التسمية بين الجائزة والإعجاب) وبعده فصلاً في (الأسماء المستعارة) (التصغير في الأسماء) (المشترك من الأسماء) (سلمان الاسم والمعنى) (بين سلمان وسليمان) (سلمان القبيلة).

ثم بدأ في تفصيل سيرة مائة وواحد وعشرين علماً ممن اسمهم (سلمان) بدأهم بسلمان الفارسي رضي الله عنه لصحبته، وجلالة قدره، وبعده (سلمان بن ربيعة الباهلي) من التابعين وهو الملقب (سلمان الخيل) وذلك لمعرفته الدقيقة في الخيل وسلالتها وممن اسمه سلمان (أبو محذورة) مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم واسمه (سلمان بن سمرة الجمحي) ثم ذكر من أقدم من سمي بسلمان قبل الإسلام بمئات السنين وهم (سلمان بن عمرو بن تميم) (سلمان بن معاوية بن سفيان) (سلمان بن عميرة بن سلمان بن معاوية) (سلمان بن يشكر بن ناجية المرادي) (سلمان الأعسر) ملك أذربيجان تحارب مع ملوك بني إسرائيل، (سلمان بن عمم بن نمارة بن لخم) وهو الذي سُمِّي عليه مركز السلمان في الأراضي العراقية، كما قال ذلك أصحاب المعاجم وممن ذكر (سلمان الرومي سلمان الريس) وهو قائد بحري تركي عاش في القرن العاشر الهجري، إلى أن توصل إلى (سلمان بن سلطان الكعبي) الذي تولى رئاسة إمارة بني كعب العربية في إقليم الأحواز عام 1150هـ، ممن تسمى بهذا الاسم (سلمان ابن عباس الخزعلي) رئيس عشيرة الخزاعل إلى عام 1135هـ ومنهم (سلمان بن كنعان بكد) من أعيان الدروز، ومنهم (سلمان التريشه) الملقب بنقال هم عنزة، ومنهم (سلمان بن محمد آل سعود) وهو:

سلمان بن محمد بن سعود بن فيصل، أحد مشاهير آل سعود كان فارساً شجاعاً مقداماً سمحاً متواضعاً، ولد في مدينة الدلم عام 1304هـ ونشأ فيها وذاق اليتم وهو صغير حين استشهد والده في الخرج عام 1305هـ، وفي سنة 1324هـ، انضم الأمير سلمان بن محمد إلى الملك عبد العزيز وشارك معه في الكثير من معارك توحيد البلاد، وتوفي يوم السبت 22-7- 1394هـ عن عمر ناهز التسعين عاماً، ثم استمر في ذكر مَنْ تسمى بسلمان، حتى انتهى بسيرة مختصرة للشاعر السعودي (سلمان بن محمد الفيفي).

وقد ختم الكتاب بمراجع وفهارس تفصيلية بالمعلومات التي وردت.

مما تقدم يتبين ما بذله المؤلف من جهد ومثابرة في إخراج هذا الكتاب القيم وهو بلا شك يعد في نظري من المراجع في هذا القسم من التراجم للأعلام، ولعله حافز لكثير ممن استهوته القراءة في كتب التاريخ والآداب، ليحذو حذو الأخ صالح في تأليف كتاب يجمع فيه مَنْ اتفقوا في اسم واحد وعلم واحد، وللقارئ الكريم تحيتي.

عبدالله بن علي بن محمد العسكر-إمارة الرياض



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد