Al Jazirah NewsPaper Friday  04/04/2008 G Issue 12972
الجمعة 27 ربيع الأول 1429   العدد  12972
المبدع اليحيى... جعل العظم لحما..!!!
أحمد سليمان العدل-بريدة

الإبداع سمة وجمال، والفن هدف ورسالة وهو إلى ذلك تربية ذاتية وفعلية للنفس وللمجتمع، وحينما يبدع الفنان والممثل والقاص والكاتب والرسام في رسالته فإن هذا يعني تحقق الغاية من تلك الرسالة وتجلي أثرها في المجتمع، وربما لحظة إبداع تكون اشد أثرا في النفس من قراءة مئات الصفحات، ولقد اتضح ذلك جليا في إبداع الفنان الكبير والممثل القدير الأستاذ محمد بن عبدالعزيز اليحيى حينما نثر إبداعه وجماله وأرسل رسالته الدعوية الصادقة الحقيقية الهادفة إلى مجتمعه وأبناء جيله في (فيلم العظم) الذي تم بثه ضمن برامج أسبوع الشجرة في عريق الطرفية في بريدة الذي تولت رعايته صحيفة الجزيرة الغراء فكان لتلك الرسالة التي أرسلها الفنان محمد في تلك الليلة أعظم الأثر في نفوس الحاضرين والمشاهدين، وما ذلك إلا لجمال وروعة التأليف وإبداع السيناريو وشخصية كشخصية الأستاذ محمد غني أن تعرف به فهو المبدع والفنان والممثل والقاص الفكاهي المرح وفيلم العظم هو من جميل ما تشاهد ويشدك إلى مشاهدته روعة في الأسلوب وتعددا في الأدوار وشمولية في الإبداع، وخلوه من الحشو الزائد وبعده عن الملل المقيت.. وفيلم العظم جعله الأستاذ محمد بإبداعه مثالا حاضرا وشاهدا ملموسا في المجتمع الكل حينما رآه قال والله لقد رأيت أو جرى لي أو سمعت مثل ذلك الفلم الذي شاهدته حصل في المجتمع.. نعم بطله يأتي من خارج أرضه وغربته متشوقا متلهفا إلى رؤية والديه وأطفاله وزوجته وهو في ذات الوقت حقق الهدف الذي من أجله اغترب وهو نيل الشهادة، وما أن تطأ قدمه الأرض إلا وترتسم البسمة على محيا والده وتجف دمعة أمه الحنون ويشعر أطفاله بالهدوء والاطمئنان والاستقرار، ثم ما يلبث كذلك وهو في أمسية احتفالية رائعة بمناسبة قدومه إلا ويهجم عليه ما لم يكن له في الحسبان حينما يشعر بألم خفيف في جانب بطنه الأيمن ومع شدة معاناته إلا أنه يصبر ويجامل محبيه وضيوف والده الذي احتفل بقدومه فتلحظه عين صديقه وحبيبه ورفيق دربه الذي هو الآخر رزقه الله شهادة الدكتوراه في الطب فيهمس في أذنه أن يخرج به خارج مكان الاحتفال ليسأله عن حالته ومم يشتكي فيجيبه أن تلك أعراضا عادية ستزول بإذن الله، ويصر صديقه الدكتور بتزويده بعقار مهدئ في تلك الأمسية شريطة أن يبادر إلى مراجعة العيادة في الصباح الباكر، وبالفعل يقوم ذلك المغترب والمشتاق إلى أرضه ووطنه وأهله بمراجعة عيادة صديقه الدكتور، ومن ثم تجرى له جميع الفحوصات والتحاليل بالفاجعة القاتلة أن ما يعاني منه ذلك المغترب نما هو تليف في الكبد بعده تشتد المصيبة، ويعظم الخطب وتقف الدمعة حائرة هل تخرج للفرح بالشهادة والقدوم أم أنها تخرج لشدة مصيبة المرض المفاجئ، وتكون الطامة الكبرى على شقيقه الذي عزم على السفر خارج دولته في إجازة عمل قصيرة وتحمله قدماه لوداع شقيقه في المستشفى فيفاجأ بمثل ذلك الخبر، وأن أخاك المريض لربما أن أيام حياته أصبحت معدودة نتيجة ما يعانيه من المرض وهم يهمسون خارج غرفة المريض ومريضهم يسمع إلى همهم وهم لا يشعرون.. ثم بعد ذلك يتخذ المريض قراره الحازم الحاسم إنه سيخرج بعض الوقت لقضاء ما عليه من ديون وواجبات، ولوداع ذلك الأب المسكين وتلك الأم المكلومة وأولئك الأطفال الذين لم تكتمل ابتسامتهم على وجوههم فرحا بقدوم والدهم، وهاهم اليوم يتلقون منه وداعا لسفر لربما لا رجعة بعده وزوجته التي طالما اشتاقت لرؤيته، وطالما انتظرت عودته هاهي تفاجأ بوداع لكنه ليس كالوداع الأول، وهنا يأتي الاختبار والإيمان بالله وقضائه وقدره وكيف يسلم المسلم المؤمن الصادق أمره إلى الله إيمانا بقضائه وقدره ويتوكل على الله حق توكله، ويجعل اعتماده على الله وحده دون إغفال للأسباب إلا أنه يبحث له عن مخرج من تلك الضائقة العصيبة، ويشاء الله أن تحمله قدماه إلى صاحبه الجزار الذي طالما تعامل معه بصدق وإخلاص ليوفي له حقه وهو ما هدف إليه إبان خروجه المؤقت من المستشفى وصدفة لاخيار فيها تقع عينيه على رجل ضعيف مسكين قد أنهكته السنون وأضعفه الجهد وانفرد به الفقر، وهو في ذات الوقت يقوم على أيتام فقدوا والديهم إبان عودتهم من مناسك الحج فيسأل ذلك المريض صاحبه الجزار عن هذا الجالس وما هي قصته وحكايته فيعلم أنه ما يقعده بجوار محله الجزارة إلا الفقر، فهو يطمع أن يحظى من صاحب الجزارة بشيء من العظم الخالص من دون لحم لكي يغليه في الماء، ويطعم أيتامه مما يخرجه ذلك العظم من المرق وتلك هي حياته.. وما إن يعلم ذلك الذي خرج لوداع دنياه ولقضاء ديونه إلا ويطلب من الجزار أن يجعل العظم لحما وأن يزوده كل يوم بكيلو أو يزيد بشكل يومي له وللأيتام الذين تحت يده، ولم يكن يعلم ماذا ستكون نتيجة تلك الوقفة الإنسانية الصادقة إلا أن إيمانه بربه وتصديقه بوعده دفعة لمساعدة ذلك الفقير، وما إن يعود إلى مستشفاه ينتظر يومه الموعود ونهاية أجله إلا وتحصل المفاجأة السارة والفرحة الغامرة التي لا تنتهي.. نعم إنها مفاجأة مفرحة له ولأسرته حينما يدلف إلى غرفته دكتوره وصديقه ورفيق دربه أن الله بلطفه ورحمته وحوله وقوته دفع عنك هذا المرض المفاجئ، وليس بك من ضر ويشده العجب ويعلو محياه التعجب ما الأمر وما هو العلاج وكيف رفع الله ما بي من المرض، وما هو السر في ذلك نعم.. انه العظم الذي صار لحما إنها الصدقة الصادقة التي خرجت من قلب آمن بالله وصدق بوعده فكان أن انهمرت دموع الحاضرين والمشاهدين على هذا المشهد وروعة تأليفه وتصويره، وكان أن تلقى الأستاذ محمد مبدع ومهندس هذا المشهد قبلات الرأس الحارة التي تشجعه وتشد على يديه وتلك حقيقة واقعة وصدق بوعده، فكان أن أنهمرت دموع الحاضرين والمشاهدين على هذا المشهد وروعة تأليفه وتصويره، وكان أن تلقى الأستاذ محمد مبدع ومهندس هذا المشهد قبلات الرأس الحارة التي تشجعه وتشد على يديه وتلك حقيقة واقعة وصدق محمد بن عبدالله- صلى الله عليه وسلم- قبل أربعة عشر قرنا حينما قال (داووا مرضاكم بالصدقة) وتبقى التجربة الإيمانية خير برهان.. فشكر الله للأستاذ محمد إبداعه ولمن عاضده في هذا الجمال من ممثلين ومبدعين وللمديرية العامة للزراعة جهودهم وللفيصلين تشجيعهما ومؤازرتهما لكل ما هو مفيد ونافع.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد