نستكمل عبر هذه الصفحة الطبية التوعوية، الجزء الثاني والأخير مما تم استعراضه في الأسبوع الماضي حول آخر تطورات ومستجدات طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر السنوي السادس والستين للأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية والذي يعتبر أكبر تجمع على مستوى العالم لخبراء وأطباء الجلد والعلاج بالليزر، والذي يمتاز بقوة المادة العلمية المقدمة ومكانة المتحدثين وحسن التنظيم وكثافة الحضور .. وسنستعرض فيما يلي بعض هذه المستجدات والتطورات، حيث لا يتسع المجال لذكر كل هذه التطورات.
شدُّ الوجه بالبوتكس
من المعروف أنّ مادة البوتولاينم توكسن Botulinum Toxin والمعروفة من خلال البوتكس، من العلاجات الشائعة والرائجة عالمياً لعلاج التجاعيد والتعرُّق. وقد تم التطرُّق في المؤتمر للطرق الحديثة والمتقدمة لاستخدامات البوتكس، خاصة لمنطقة ما حول الفم والجزء السفلي للوجه والرقبة، وكيفية الاستفادة من تأثيرات هذه المادة في إحداث تحسينات تجميلية للوجه والرقبة. غير أنّ الملفت للانتباه هو ما تمت مناقشته واستعراضه حول استخدام البوتكس في شد الوجه، أو فيما يُعرف ب Minimal facelift وذلك عن طريق دراسة عضلات الوجه والرقبة، وتأثير هذه المادة على عضلات الوجه لاسيما عضلة مقدمة الرأس والرقبة، وإحداث توازن جديد عن طريق تعطيل بعض هذه العضلات وتنشيط البعض الآخر، مما يؤدي إلى محصلة نهائية تكمن في شد الوجه. ويمكن جعل هذه النتائج أفضل بإضافة حقن التعبئة. كما أظهرت بعض الدراسات نتائج إيجابية إضافية لعلاج التجاعيد، عندما يتم الجمع بين البوتكس والعلاج الضوئي أو الليزر.
بدائل البوتكس
تُعرف المادة العلمية للبوتكس ب البوتولاينم توكسن Botulinum Toxin. ومما لا شك فيه أن البوتكس هو العلاج الرائد لهذه المادة العلمية، نظير الدراسات المتعددة والخبرة والتجربة الواسعة. غير أنّ وجود هذه المادة العلمية لم يُعد مقصوراً على البوتكس. فقد أصبح هناك مركبات وعلاجات فعّالة ومقبولة علمياً تحتوي على مادة البوتولاينم توكسن مثل ال ريلوكسن Reloxin و البورتكس Pur Tox والزيومين Xeomin . وهذه البدائل تحتاج إلى المزيد من الخبرة والمتابعة حتى يتم مقارنتها مع البوتكس بشكل أفضل، خاصة فيما يتعلق بالجرعات والأعراض الجانبية. على أنّ وجودها يفتح المجال للمنافسة، ومن ثم جعل هذه الإجراءات أقل كلفة وفي متناول يد الكثيرين.
جديد حقن التعبئة والفيللر
يشهد مجال حقن التعبئة أو ما يُعرف بحقن الفيللر تطوراً متسارعاً ومحموماً، ولقد تم مناقشة واستعراض مستجداته بإسهاب في فعاليات وحلقات المؤتمر. فمن الجديد توفر حقن الهيدروكسي اباتيت Hydroxylapatite والتي أظهرت نتائج ملحوظة وملموسة وبمستويات آمان وفاعلية كبيرة، ولكن لا تحقن هذه المادة في الشفاه. ومن الجديد أيضاً توفر حقن الكولاجين طويلة الأمد نسبياً، حيث عرف عن حقن الكولاجين في السابق بقاؤها لفترة وجيزة .. أما عن جديد حقن الهياليورنيك فهو توفر حقن البيلوتيرو التي تعتبر أول حقن من هذا النوع تعمل بتقنية ال CPM والتي تجعل هذه الحقن أكثر ملائمة لمنطقة الجلد. أما بالنسبة للحقن الدائم فتم استعراض نتائج وآلية عمل حقن الارت فيل Artefill. ومما لا شك فيه أن أكثر ما يقلق ويزعج الراغبين في حقن الفيللر هو الألم المصاحب لهذه الإجراءات. ومن التطورات للتغلب على هذا الأمر، تصنيع مواد حقن جاهزة يتم فيها مزج مادة الحقن بمادة التخدير، بحيث يكون الإجراء محتملاً جداً ومصحوباً بألم بسيط بحيث لا يستدعي الأمر استخدام أي كريم أو حقن تخدير. وبالفعل بدأت بعض هذه الأنواع في الظهور ويتوقع المزيد منها. ومن الجديد لمحاولة التغلب على الألم المصاحب للحقن هو استخدام طريقة السويش والتي تعد طريقة بسيطة وفعّالة لتخفيف الألم المصاحب لبعض أنواع الفيللر.
حقن السيلكون
ولعل الكثير يتذكر استخدامات السيلكون في السابق وما ترتب عليها من عواقب وأضرار، جعلت هناك من يتخوف وينفر من هذه المادة. إلا أنه في الحقيقة إن الدراسات والخبرة المتراكمة لحقن السيلكون في الجلد أظهرت نتائج رائعة. غير أن هذا العلاج يتطلب خبرة وممارسة جيدة، لاسيما أن نتائج حقن السيلكون دائمة وليست مؤقتة. والسيلكون المستخدم لهذه الحالات يشمل Silikon 1000, Silskin, adatosil 5000. على أن هذا النوع من الحقن الدائم لا يخلو من المضاعفات، وإن كانت نادرة ولكنها قد تكون وخيمة.
العلاج البيولوجي
يعتبر العلاج البيولوجي ثورة في
علاج الأمراض الجلدية، وحظي بالكثير من الاهتمام والنقاش والدراسة كأحد المواضيع المحمومة في مؤتمر الأكاديمية الأمريكية لهذا العام. لاسيما أن التطور في هذا الجانب متسارع، خاصة فيما يتعلق بعلاج الأمراض الجلدية الممانعة والمزمنة. ولقد استحوذ مرض الصدفية على الكثير من الدراسة والتأمل فيما يخص العلاج البيولوجي والذي أظهر فاعلية وأماناً كبيرين لعلاج هذه المشكلة المزمنة. وبحكم هذا التطور والنتائج المصحوبة له، تعدّى استخدام العلاج البيولوجي الصدفية، لتشمل هذه المحاولات العلاجية أمراض جلدية أخرى، مثل الأمراض الفقاعية المناعية والتهابات الأوعية الدموية والذئبة الحمراء والأمراض المناعية. والعلاج البيولوجي متعدد ومن أمثلته: Infliximab, Rituximab, Adalimumab, Alefacept, Efalizumab. والبحث في هذا الجانب محموم ويتوقع المزيد من التطورات والمستجدات للعلاج البيولوجي في المستقبل القريب.
البهاق
يتكون عادة لون البهاق نتيجة فقدان الصبغة في الجلد. وعادة ما يتم تقديم النصيحة لمن يعانون من البهاق بضرورة وقاية منطقة البهاق من الشمس، بسبب فقدان الصبغة والتي توفر الحماية. وفي الواقع أن الملاحظات والدراسات بيّنت أن جلد البهاق يعتبر جلداً متميزاً ويسترعي التمعن، ولا يتمثل فقط بفقدان الصبغة. فعلى الرغم من عدم وجود هذه الصبغة الطبيعية، إلا أن المدهش أن هذا الجلد يقاوم أشعة وأضرار الشمس، ويقاوم سرطان الجلد، والأسباب العلمية الدقيقة لذلك غير معروفة. وتعتبر هذه المعلومة مطمئنة لمن يعانون من مشكلة البهاق والتي تعتبر ملحوظة في مجتمعنا. كما لا يفهم من هذا أننا نطلق دعوة لترك الوقاية والحماية من الشمس، فاتخاذ السبل للوقاية من الشمس مفيد على إطلاقه، بيْد أن مرضى البهاق ما زالوا يتمتعون بجلد مقاوم لأضرار الشمس وسرطان الجلد.
وبذلك ينتهي ما استطعنا عرضه من مستخلصات وتوصيات للمؤتمر العلمي السنوي للأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية، والذي يُعد مرجعية علمية في هذا التخصص. آملا أن أكون قد وُفِّقت في إعطاء صورة مبسّطة وموجزة لمداولات وفعاليات المؤتمر وأن يكون فيها ما يفيد.
د. سامي بن ناصر السويدان
استشاري طب وجراحة الجلد والعلاج بالليزر - الرئيس المؤسّس لوحدة جراحة الليزر - بكلية الطب - جامعة الملك سعود - عيادات ميدكا