لا أدري إلى متى ستظل بنوكنا المحلية غائبة عن دعم مجالات الخدمة الاجتماعية، فرغم الودائع التي لا يحصل أصحابها على فوائد كما هو الحال في البنوك الخارجية، إلا أن التقارير ذكرت أن مشاركتها في دعم تلك الأنشطة والبرامج لا تتعدى 1% حسب إحصائية عام 2005م، أرباح ربع سنوية بمليارات الريالات، ومع ذلك لم نسمع أن بنكاً تكفل بإنشاء كرسي في جامعة أو دعم بحثاً علمياً، أو أنشأ مرفقاً لخدمة المتقاعدين، أو دعم جمعية وطنية.. وما زالت الفجوة تكبر بين بعض البنوك وعملائها، فسياسة بعض البنوك لا تعطي الاهتمام إلا لمن تعدى رصيده (الستة أصفار) أما (الطفارى)، وأصحاب الرواتب التي لا تبقى إلا أياماً، فإن البنك لا يعيرهم اهتماماً. لقد برزت الكثير من المشاكل مع البنوك، وقد أراد أحد المواطنين صرف مبلغ مالي من صراف أحد البنوك، وفشلت العملية، إلا أن المبلغ خصم من حسابه فذهب إلى بنكه وقدم اعتراضاً، وبعد أسبوع راجعهم فأبلغه موظف البنك بأن البنك التابع له الصراف رفض إعادة المبلغ بحجة أن العميل حصل عليه؛ ما دفع بالعميل إلى رفع شكوى إلى مؤسسة النقد مرفقاً بها صورة الإيصال ليظل في دوامة قد تستمر بعشرات الاتصالات والمراجعات لإرجاع حق له. وحدثني آخر عن حالة مماثلة، إلا أن البنك أرجع له 1000 ريال فقط، أما الألف الأخرى فأبلغه الموظف بأنه لا يستحقها؛ لأنه استلمها من الصراف. وقد تجني البنوك من هذه المماطلة ملايين الريالات من آلاف المواطنين الذين ليس لهم حول ولا قوة إلا الانتظار ودعاء الوالدين، عسى أن يتم الإفراج عن تلك المبالغ، في ظل التساهل في محاسبة البنوك التي تماطل في إعادة أموال الناس ومعرفتها بعدم وجود عقوبات صارمة سواء على البنوك أو الموظفين؛ بسبب عدم وجود أنظمة واضحة تمكن المواطن من مقاضاة تلك البنوك وطلب التعويض عن المدة التي أبقتها بتلك المبالغ المحجوزة والتعب الذي واجهه. وأتمنى ألا تصبح بطاقة الصراف الذكية بطاقة (غبية)، وألا تتحول البنوك إلى مؤسسات للتلاعب بأموال الناس؛ ما يضطر البعض إلى الانتظار أسابيع أو أشهراً لاستعادة مبالغ مالية خصمت من حسابه؛ فالكثير من العملاء بات يشتكي الخدمات المتردية من البنوك، للدرجة التي لا تجعله يطالب بأي نوع من المساهمة من البنك في خدمة المجتمع بل يريد ألا يضطر إلى أن يطالب البنك بأموال احتجزتها الماكينة التابعة له، أو ينتظر ليستلم راتبه عن شهر محرم مع راتب شهر ربيع الأول!! وتصوروا لو احتجزت الآلة كامل المبلغ لموظف لا يتجاوز راتبه الألفي ريال، ولديه العديد من الأطفال؛ ليظل يتابع إعادته إلى الحساب لأكثر من شهرين. وللأسف إن مساهمة البنوك التي تُكسبها صورة حسنة اجتماعياً ما زالت قاصرة؛ فبعض البنوك تعج واجهاتها الأمامية بالمواطنين، إلا أن المكاتب الخلفية ما زالت تشغل بكوادر وافدة؛ لأنها الأرخص والأكثر إنتاجاً في نظر البعض من مديري البنوك، أو ممن ما زالوا يعتمدون في إدارة مكاتبهم على كوادر غير سعودية، رغم أن معهد الإدارة العامة يخرج من برامجه العشرات من هذا التخصص؛ ما يجعل فرض السعودة أمراً حتمياً، وفرض نسبة محددة للمساهمة في العمل الاجتماعي من قِبل مؤسسة النقد؛ فمساهمة البنوك في خدمة المجتمع مطلوبة من خلال برامج مثمرة ومستديمة كتوظيف الشباب وإقامة منشآت اجتماعية لخدمة المواطنين، كما هو الحال مع البنوك الأجنبية التي ترعى مشروعات متكاملة للرعاية الاجتماعية والتعليمية. وقد وصلت أرباح البنوك إلى أرقام خيالية ومع ذلك لم تساهم في حل مشكلة أكثر من 70% من المواطنين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و 40 عاماً للحصول على منزل، وظلت أرباحها عالية وشروطها إعجازية!
إن الصورة الذهنية عن بنوكنا المحلية ما زالت في درجات متدنية، وإن حصل إشادة لتلك البنوك فلن تتعدى العملاء الذين يقابلهم مدير البنك عند مدخل البنك، وحتما لن يكونوا أصحاب الحسابات الذين يطالبون البنك بأن يسترد أموالهم، أو الذين تنجز أعمالهم من خلال طوابير الانتظار وليس مكاتب الخدمات الذهبية أو الماسية!