سؤال مهم يلح على أذهان العقلاء من الناس ممن يدعون إلى الله ببصيرة ويلتمسون مصادر الإيمان، ويبحثون عن مواطن اللقاء، وهذا السؤال هو: لماذا سجد هؤلاء اللاعبون في نادي الهلال والاتحاد ونادي النصر ونادي الشباب والأهلي والاتفاق والوحدة.. لماذا سجدوا بعد انتصاراتهم في الملعب أمام الملايين من الناس؟؟..
لماذا سجد ياسر القحطاني بعد أن سجل هدفا من أهداف الفوز؟؟ وكذلك فعل العديد من لاعبينا، وبرز السؤال المهم وهو: ما الذي دفع هؤلاء الشباب إلى السجود وهم في وسط ملعب كرة قدم وليسوا في مسجد أو أماكن عبادة؟؟.. أليس من واجبنا أن نقيم أو نقوم هذا العمل؟؟ ونسأل عن أسباب هذا التصرف؟؟ وأنه يستحق التفكير والتحليل والتقدير، لأنه صورة إيمانية تستحق الوقوف عندها، فهؤلاء الشباب من اللاعبين عندما سجدوا لفوز أحرزوه أو لهدف حققوه إنما عبروا بذلك السجود عن إيمان عميق في قلوبهم لله - عز وجل - فهو مظهر إيماني يفصح عن تلك الجذوة النبيلة في أعماق قلوبهم وعقولهم، وهذا لعمري يستحق منا أن نقف مع هؤلاء الشباب ونشد على أيديهم ونهنئهم، فهذا المظهر يجب أن لا يمر هكذا بصورة عابرة وهو مظهر يعلمنا أن هؤلاء الشباب في قلوبهم إسلام وفي عقولهم إيمان وفي تربيتهم حب لله - عز وجل - فسجدوا له شكرا وعرفانا.
وقد فرحنا باستقبال خادم الحرمين الشريفين والد الجميع الملك عبد الله لتكريمهم بالفوز وما فعله صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز تقديرا لهم في أكثر من مناسبة وكذلك الأخ الكريم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولكن السؤال المهم هو: هل فكر علماؤنا في زيارة هؤلاء في ملاعبهم وتهنئتهم والشد على أيديهم والتعبير عن الفرحة بما فعلوه وأنه أعظم من النصر الرياضي الذي حققوه.. ألا يستحق هؤلاء من صاحب السماحة مفتي هذه البلاد العزيز سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ زيارتهم أو توجيه كلمة إليهم، وكذلك هيئة كبار العلماء، ومراكز الدعوة ولجانها، لأن مثل هذا العمل يستحق منا التقدير واستخدامه كوسيلة عظيمة من وسائل الدعوة لتثبيت هؤلاء الشباب وآلاف المتفرجين الذين سجدوا لسجودهم، فالبعض سجد لسجودهم والبعض دعا لهم، إنه مظهر رياضي يستحق أن نستفيد منه لمزيد من العمل الصالح وكذلك من واجب أئمة المساجد أن يشهدوا بهذه المظاهر الطيبة وعلى الذين يرتادون المساجد أن يشهدوا بكلمة حق لابد منها وأن الشباب يتزاحمون على المساجد، ولا ندخل مسجدا إلا ونجد أنه قد امتلأ بالشباب أكثر من الشيوخ، فلنمد أيدينا إليهم ولتكن دعوتنا فيهم على منهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أحب الناشئة والشباب، وأن من خلقه وعطفه ورحمته التي علمها لنا ودعوته بالتي هي أحسن توجب علينا أن نقول للمحسن أحسنت، وهؤلاء أحسنوا، وأشهد أنهم يستحقون التقدير.
وكم فرحت وأنا أرى منتخبنا عندما حقق فوزه ولاعبوه يتسابقون إلى السجود والشكر لله - عز وجل -، فرحت بتصرف منتخب الدولة الشقيقة مصر يوم فازوا فخروا سجدا، ورفعوا أيديهم بالدعاء، يشكرون الله وطافوا بالملعب يصلون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
إنني أقول بكل صراحة إنها ظاهرة إيمانية تستحق التقدير، ومظهر إيماني يدعونا إلى إعادة التفكير في الارتباط بالشباب قبل نقدهم، وقبل توبيخهم، وأن نحتضنهم ونعينهم على مزيد من هذا السلوك الطيب، وهذا يؤثر ليس عليهم فقط بل على ملايين الشباب الذين يحبونهم ويرتبطون بهم ويشجعونهم، ونحن نغفل عن ذلك، فهؤلاء الشباب والملتفون من حولهم والمتفرجون عليهم والمعجبون بهم سوف يكونون دعاة لهذا الدين ويصل بواسطتهم الإسلام إلى العقول والنفوس. وعلى أي حال لقد أدى هؤلاء واجبهم، الكرة الآن في ملعبنا، فعلينا أن نبادر بالتصرف الحكيم والخطوات المناسبة بفقه جديد يحقق ما نصبو إليه جميعا في ملاعبنا أو ما يماثلها.
والله من وراء القصد،،