Al Jazirah NewsPaper Saturday  29/03/2008 G Issue 12966
السبت 21 ربيع الأول 1429   العدد  12966
المتاحف صروح ثقافية وواجهة حضارية
عبد الله بن حمد الحقيل

تزخر بلادنا بالعديد من المواقع الأثرية التي تعود لفترات حضارية متنوعة ويزخر تراثنا الثقافي فيما تزخر به بلادنا من مواقع أثرية ومعالم تاريخية ومن فنون وآداب ومن عادات وتقاليد وتراث معماري متميز. وتعتبر المتاحف تاريخا ملموسا لحياة الأمم فكريا واجتماعيا وعمرانيا وتوليها الكثير من الاهتمام والعناية إذ هي مظهر حي يجسد أطوار التاريخ ونبراس وضاء لمن يرغب في الاطلاع والمعرفة وعامل إيجابي للإلمام بأطوار الحياة وألوانها وطبيعتها في الماضي، ولقد قيل (من لا ماضي له لا حاضر له) ولقد قامت وزارة التربية والتعليم بإنشاء وكالة للآثار والمتاحف للعناية بها والمحافظة عليها حيث إن تاريخنا حافل بالماضي المجيد لا سيما الجوانب الاجتماعية والعمرانية والتاريخية منه ويخفى على الغالبية العظمى من أبناء هذا الجيل. وهو تاريخ مفعم بألوان شتى من المظاهر التي تستحق الاهتمام والعناية بدراسته والحفاظ على قواعده خاصة ما كان فيه قبل النهضة الحديثة حيث كانت الحياة في هذه الأرض الطيبة المباركة تعتمد على ممارسة العمال المهنية وضع اليد والتكيف مع البيئة التي كانوا يعيشون عليها والاكتفاء الذاتي في سائر الأمور وتخلو مما نعيشه اليوم وننعم به.

ومن منطلق الحفاظ على هذا الإرث الحضاري والثقافي فمن واجبنا أن نعرف الجيل الجديد عليه والإحاطة به ووضعه في متحف يضم أشتاتا وأنواعا للحياة الاجتماعية الماضية وللحرف السائدة التي كانت تلبي الاحتياجات وتلك الأدوات التي عاش عليها الآباء والأجداد وليقرأ الجيل من خلالها صورا واقعية لحياتهم ومعاشهم ويوضع في صورة جذابة ومؤثرة مع تفسير وتسجيل لذلك وتصنيفه حسب الأصول المتبعة في ذلك من فهارس ودراسات وتصحيح المفاهيم والمعلومات عن طريق البحث العلمي والدراسة الشاملة. وأحسب أننا بهذا حفظنا جوانب من تراثنا الاجتماعي فلقد شاهدت جوانب فيه مما آثار في النفس معاني الإعجاب والاعتزاز به وسرحت في ذكريات عن الماضي الأصيل لبلادنا والذي هو جدير بكل حفاوة لتستخلص منه العبرة والتجربة ولقد قيل:

وإذا لم تدر ما قوم مضوا

فاسأل الآثار واستنب الديارا

والآثار سجل التاريخ ومادته غير المكتوبة والأداة الوحيدة للتعرف على أساليب حياة الأمم وإن المملكة العربية السعودية تحتفظ في مختلف أنحائها بكنوز ثقافية وتاريخية عميقة الجذور تجسد وتمثل المستوى الثقافي والحضاري للأمم التي عاشت على أرض هذه البلاد وقوة تواصلها مع الحضارات الأخرى ولا شك أن الآثار مصدر مهم من مصادر دراسة تاريخ البلاد وما تزال الآثار والمعالم الجغرافية التاريخية والعمرانية باقية حتى اليوم على أرض بلادنا تحدثنا عن أمم وشعوب كثيرة وأحداث وعبر وحروب وأنبياء ورسل وأخبار الأولين وأمور كثيرة مرتبطة بتاريخ أمتنا الإسلامية والشواهد القرآنية كثيرة في هذا المجال كالهجرة النبوية وغزوات الرسول ومعارك المسلمين وفتوحاتهم، كل ذلك يدل على الأهمية التاريخية للآثار، ولا ننسى في هذا المجال دور الرحالة والمؤرخين في التعريف بآثار بلادنا وحضارتها وتراثها القديم التاريخي والأدبي، حيث إن علم الآثار يهتم بدراسة حياة الشعوب القديمة وأساليب معيشتها ودراسة ما ترك لنا الأقدمون من مبان وتحف وأدوات لرسم صورة عن أوجه الحياة في الماضي ولعل من أهم المتاحف في بلادنا المتحف الوطني أحدث صرح ثقافي على مستوى الوطن الذي يجسد تاريخ الوطن ويصل الماضي بالحاضر.

ومن هذا المنطلق اهتمت الدولة بالآثار تقديرا منها لأهميتها العلمية والجمالية والمعلوماتية ولأخذ العبرة من حياة الشعوب السابقة ولقد جاء في كتاب الله الكريم قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ } (82)سورة غافر، وبالجملة فإن موقع أي أمة من الأمم تبع لعراقة تاريخها وحضارتها ومن خلال الآثار الماثلة والتي هي شاهد على عصرها وحضارة أهلها. هذا وبالله التوفيق.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد