بُعيد إعلان شركة سابك عن نجاحها في توقيع عقد شراء وحدة البلاستيك التابعة لشركة (جنرال إلكتريك) أشرت إلى أن (سابك) لا يمكنها الدخول في مثل هذه الصفقات الضخمة إلا بعد إجراء الدراسات المستفيضة عليها، وكتبت نقلاً عن رئيس مجلس إدارتها حول (إستراتيجية الصفقة) وما تحمله من معانٍ تعزز موقع سابك عالمياً، وتضمن تقدمها في إكمال خططها التوسعية؛ ما يعني أن صفقة وحدة البلاستيك التابعة ل (جنرال إلكتريك) ما هي إلا إضافة إستراتيجية لخطط الشركة الإنتاجية التوسعية، خصوصاً فيما يتعلق بالتقنية، براءات الاختراع، والأسواق؛
****
وأضفت: إن استثمار (سابك) في شركة تعاني من مشكلات في الربحية لا يعني القول بفشل الصفقة على أساس أن وحدة إنتاج البلاستيك الخاسرة ربما تحولت إلى الربحية بانضمامها لشركة عالمية متخصصة قادرة على خفض تكاليف إنتاجها إلى مستويات متدنية.
الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع رئيس مجلس إدارة شركة سابك، أكد من جديد إستراتيجية صفقة (وحدة البلاستيك) وعدالة تكلفتها مقارنة بفوائدها المتوقعة، ضمن ردوده الصريحة على أسئلة الزميل تركي الدخيل في برنامج (إضاءات) الذي بثته قناة (العربية) نهاية الأسبوع الماضي.
الأمير سعود بن عبد الله نفى أن تكون دواعي صفقة (جنرال إلكتريك) سياسية، إلا أنه رحب بتحقيق الصفقات التجارية الناجحة ل(عوائد سياسية)، وهو ما ينقصنا في العالم العربي حيث تتحكم العلاقات السياسية بالشؤون الاقتصادية.
خرج الأمير سعود من إطار السؤال المحدد إلى أبعاد الفكر الاقتصادي السياسي الذي يفترض أن يكون محركاً للعلاقات الدولية، وداعماً للمطالب العادلة، ومعيناً لتحقيق الأهداف الوطنية.
الدكتور عبد الرحمن الزامل، رئيس مجلس إدارة شركة الزامل، أكد أمس الأول لبرنامج (بموضوعية) الذي يقدمه الزميل راشد الفوزان في قناة CNBC أهمية صفقة (وحدة البلاستيك)، ورخص تكلفتها مقارنة بما ستقدمه من خدمات كثيرة لشركة سابك والشركات البتروكيماوية السعودية التي ستستفيد من براءات الاختراع التي يمكنها الحصول عليها مباشرة من سابك بدلاً من شركة جنرال إلكتريك.. رأي الدكتور الزامل المتخصص والمحايد جاء ليؤكد نجاعة الصفقة الإستراتيجية التي واجهت كثيراً من الانتقادات الحادة.
في محور آخر من محاور اللقاء، لفت نظري تحميل الزميل تركي الدخيل، أرباح سابك، وتصريحات مسؤوليها (المتناقضة) المسؤولية في حدوث (آخر سقوط للسوق)!.. الواقع أن أرباح سابك جاءت قياسية بتخطيها رأس المال المصدر كسابقة تحسب لها لا عليها، وتضمنت أيضاً نمواً بلغ 33 في المائة مقارنة بالعام 2006 ما ينفي عنها عنصر المفاجأة السلبية لتوقعات المضاربين!.. استغل كبار المضاربين توقعاتهم (الموجهة)، وانخفاض أرباح الربع الرابع مقارنة بالربع الثالث من العام 2007 لإلصاق (تهمة) السلبية على أرباح سابك القياسية.. اعتمد كبار المضاربين على محوري سابك والإعلام للضغط على مؤشر الأسعار الذي خُطِّطَ ل (سقوطه الأخير).. تولت بعض المحطات الفضائية، ومواقع الإنترنت أمر إقناع المتداولين (بسلبية) أرباح سابك، وأثرها المتوقع على أداء السهم والسوق بوجه عام، في الوقت الذي تولى فيه كبار المضاربين أمر السوق من خلال عرض كميات مهولة من أسهم سابك التي خسرت بسبب البيع الجائر ما يقرب من 19.75 ريال وأغلقت منخفضة بنسبة 9.11 في المائة، وكأنها إحدى شركات المضاربة.
خسرت السوق السعودية أكثر من 860 نقطة وهي أكبر خسارة تُمنى بها السوق في يوم واحد منذ (يوليو) 2006.. كنت أتابع إحدى المحطات الفضائية التي أطنبت في تناول الجانب السلبي لانخفاض أرباح الربع الرابع مقارنة بالربع الثالث حتى خُيل لي أن سابك تكبدت (خسائر كبيرة) في العام 2007!!. كان هناك تغييب متعمد لإيجابية الأرباح القياسية، وإبراز مُريب، وصل حد الإغراق الخبري والتحليلي، لانخفاض نسبة نمو أرباح الربع الرابع.
إمعاناً في ترسيخ فكرة السلبية لدى المتداولين، ركزت إحدى المحطات الفضائية على ما أسمته (تناقضاً) بين المهندس محمد الماضي، الرئيس التنفيذي، وبين الأستاذ مطلق المريشد، نائب الرئيس.. المهندس محمد الماضي تحدث عن انخفاض الطلب العالمي على المنتجات البتروكيماوية بسبب أزمة الرهونات العقارية، وهو ما أثَّر سلباً على أرباح الربع الرابع للشركة، في الوقت الذي أرجع فيه الأستاذ مطلق المريشد انخفاض أرباح الربع الرابع إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج.. تناول المسؤولين للموضوع من جوانب مختلفة ساعد في استغلال المضاربين الموقف للتأثير على مجريات السوق.. إذا لم تكن أرباح سابك القياسية سبباً لحدوث (السقوط الأخير)، بل أداة استغلها المضاربون وأعوانهم لضرب السوق وتدميرها. من المحزن حقاً تدمير ثُلة من المضاربين جهود الناجحين في شركة سابك وإلقاء تبعية انهيار السوق عليهم، في الوقت الذي تتقاطر فيه أيديهم بدماء السوق الحمراء، وتمتلئ جيوبهم بأموال صغار المستثمرين.
كثيرة هي محاور اللقاء الشيق الذي أثراه الأمير سعود بشفافيته المعتادة، وطرحه المتوازن الذي لم يخل من نقد الذات وتجاوز النجاحات المحققة، وتقدير عمل الآخرين واحترامهم الذي تجلى في دفاعه المقارن عن أداء وزارة الشؤون البلدية والقروية، إلا أنني توقفت عند حديثه عن مساهمات سابك الفاعلة في خدمة المجتمع، واعترافه بالتقصير أسوة بباقي الشركات السعودية، وقوله بضرورة (أن يكون هناك مساهمات في المدينتين المجاورتين للجبيل وينبع).
الأمير سعود أحد ركائز العمل الاجتماعي في المملكة، وإسهاماته الاجتماعية الشخصية، أو من خلال سابك والهيئة الملكية للجبيل وينبع أكثر من أن تُحصى في هذه العجالة.. حديث الأمير سعود عن المدينتين المجاورتين للجبيل وينبع الصناعيتين أعاد إلى ذهني موضوع توأمة المدن المتجاورة في الجبيل وينبع الذي يمكن أن يكون بديلاً مناسباً للمساهمات التنموية المتفرقة، وحلاً جذرياً للفجوة التنموية التي تعاني منها مدينتا الجبيل وينبع الملاصقتان للمدينتين الصناعيتين.
وأثبتت الهيئة الملكية للجبيل وينبع نجاحاً باهراً في تنمية المدن وإدارتها، ففي الجبيل الصناعية على سبيل المثال، تقوم الهيئة الملكية بإدارة قطاعات التعليم، الصحة، المشاريع البلدية على أسس عالمية ساعدت في رفع كفاءة الأداء، ومستوى الخدمات المقدمة.. لا أبالغ إذا ما قلت إن إدارات الهيئة الملكية في الجبيل أشبه ما تكون بالوزارات المتخصصة، خصوصاً قطاعات التعليم، الصحة، المياه، النقل والطرق. كنت أتمنى لو تضمنت المقابلة محوراً موسعاً عن تنمية الإنسان والمكان ودور الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ورئيسها الأمير سعود في بناء قطاعات التعليم، الصحة، الإسكان، الطرق، والخدمات على مستوى منافس للدول الغربية المتطورة.. ذلك النجاح الباهر يدفعنا إلى طرح فكرة دمج المدينتين المتجاورتين في الجبيل وينبع خدمياً تحت إدارة الهيئة الملكية، وأن يُشرع في إطلاق مشروع تنموي شامل لسد الفجوة، وتهيئة ظروف الدمج.. نجاح الأمير سعود بن عبد الله الباهر في إدارة سابك، والهيئة الملكية بعقلية إدارية تنموية متخصصة تجعل من عملية الدمج المقترحة أمراً غاية في السهولة.. هناك حراك تنموي شامل يقوده الملك عبدالله بن عبدالعزيز يمكن أن يُسهم في تمويل عملية الدمج وسد الفجوة التنموية بين المدينتين الصناعيتين وشقيقتيهما.. احتفالنا بإطلاق مشروع (الجبيل2) لتهيئة البنية الصناعية التحتية وتوسعة المنطقة الصناعية يدفعنا للتفكير في إطلاق مشروع (الهيئة الملكية 2) لتوأمة المدن المتجاورة في الجبيل وينبع.. يحتاج الأمر إلى الفكر التنموي، والإدارة المتمكنة، والرغبة الجامحة في بناء الإنسان والمكان، وأحسب أنها متوفرة لدى الأمير سعود بن عبد الله الذي سجل اسمه في سجل الشرف الوطني من خلال نجاحاته المشهودة وإدارته التنموية المتوازنة والحصيفة لأكبر صرحين عالميين في قطاعي المدن والصناعات المتطورة.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244
f.albuainain@hotmail.com