كان يوم الاثنين الموافق 15-12-1428هـ غير عادي وأنا أشاهد عمي الشيخ مسعود سراب الرقاص، في سكرات الموت في الرمق الأخير انخرس لساني وتوقفت أنفاسي وارتفع دقات قلبي عندما انتقل إلى الرفيق الأعلى في مستشفى محافظة الرس فحمدت الله على قضائه وقدره ولا أقول إلا ما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين توفي ابنه إبراهيم: إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا على فراقك لمحزونون.
العبارات والكلمات مهما بلغت تعجز أن تعبر عما في النفس من أحزان لكن عزاءنا أننا مؤمنون بالقضاء والقدر وهذا الطريق لا مفر منه طريق يسلكه الكبير والصغير.
لقد ترك موتك جرحاً عميقاً في أنفسنا وثقباً كبيراً داخل قلوبنا، وقبلك والدي وعمي الله يرحمهم. كان عفيف اللسان كريماً، تميز بأخلاق عالية لم نر منه إلا الهدوء والترحيب وطيب الكلام، ولم يكن ذلك عند أقاربه بل جميع أحبابه ومن لا يعرفهم.
عرف بمحبة الجميع نقي السيرة وصافي السريرة قانت لله وساجد، مدرسة في كل شيء بالبر وصلة الرحم وزيارة المرضى.. رحل وترك خلفه سيرته الحميدة وذكراه الحسنة، بكاه كل من عرفه، فقدته منابر المساجد، صبراً يا أهل قرية المغطية على مصابكم. والقلم يعجز عن الحديث عن مناقب ذلك الرجل.
عزاؤنا فيه ما رأيناه من دموع المصلين والمعزين من أقارب وجيران ومعارف من جميع مناطق المملكة أو من سارعوا في الاتصال وتقديم واجب العزاء وهذه مواقف غير مستغربة، ووقوفهم مع إخوانهم في مصابهم جزاهم الله خيراً حيث كان بعضهم يعزي نفسه قبل أن يعزينا، حضر للصلاة وتقديم واجب العزاء في المسجد والمقبرة والمنزل بعض من كبار السن الذين لا يستطيعون المشي على أقدامهم، جلسوا خارج الأسوار ينتظروننا لتقديم واجب العزاء.
الكل سيرحل وسيموت وسيترك الدنيا والبشرية كلها توقن أن نهايتها هي الموت كما قال سبحانه في محكم كتابه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}.
ولنعلم أن المسألة ليست هي مصيبة الموت فقط ولكن ما بعد الموت من أهوال وعظات يعيشها الإنسان في قبره بعد موته ومن الناس من يموت وذكره حي لا يموت، وكم من الناس هم أحياء ولكنهم كالأموات بين الناس ومن مات على هدى وصلاح واستقامة وحسن خلق وحب الطاعة فهو السعيد هو الذي يبقى ذكره بين الناس كلما ذكر دعي إليه بالرحمة والمغفرة.
ويقال ما مات من خلف حيث خلف أبناء يحذون حذوه في الصفات الحميدة، وإني من هذه الجريدة الغراء أقدم شكري وتقديري لكل من واسانا في هذه المصيبة سواء حضورياً أو هاتفياً وأن لا يريهم الله مكروهاً
وختاماً رحمك الله يا أبا محمد وأسكنك فسيح جناته.