Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/03/2008 G Issue 12955
الثلاثاء 10 ربيع الأول 1429   العدد  12955
عش يومك سعيداً (1-3)
خالد عبدالعزيز الحمادا

تحدثت في بعض المقالات السابقة بأن السعادة لا توجد في أي شكل ووسيلة من الوسائل المتوفرة لدينا والمحيطة بنا فليست في البيت الواسع الأنيق ولا في تضخم الرصيد في البنك المصرفي ولا في السيارة الفارهة ولا عن طريق حبوب أو كبسولة تصرف من أقرب صيدلية.

السعادة ليست في خارجنا. السعادة تنبع من داخلنا هي بطريقة تفكيرنا وبحسن تعاملنا مع الحياة والظروف المحيطة بنا والأحداث التي تمر بنا هي بصبرنا على الكرب التي تقدر علينا وبتوازننا فإن أصابتنا سراء شكرنا وإن أصابتنا ضراء صبرنا فكان خيراً لنا وكل أمرنا خيرا وليس ذلك إلا للمؤمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبت للمؤمن إن الله لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له).

وهي نتيجة عمل تراكمي وخطوات صحيحة يخطوها الإنسان منذ أن يشرق يومه وتسطع شمسه وتبدأ الحياة في استقبال يوم جديد هي نتيجة عمل جاد وجهد حثيث ونية خالصة وهي لا تحرر عقودها عبر السنين أو الشهور وإنما باليوم فالحياة مجموعة أيام وكل يوم له قدره ورصده وربك {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}وما علينا في بداية اليوم إلا عمل الأسباب {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} والنتائج ييسرها ويوفقنا إليها ربنا سبحانه فالذي يعمل ويقدم الخير ويري الله من نفسه خيراً يؤته خيراً {إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا} ومن أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسييسر لليسرى ومن جاء بعكس ذلك فسييسر للعسرى {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} فاليسرى هي الحياة الطيبة السعيدة وهي نتيجة عمل وجهد وفعل أسباب قدمها الإنسان المسلم لنفسه فرضي عنه ربه فوفقه وجازاه بهذا التيسير. ولاحظ معي كلمة أعطى في النص توحي بالتدفق والعطاء وبذل الخير في شتى صوره أما العسرى فهي حياة الشقاء والتعاسة وهي نتيجة بخل وإمساك عن فعل الخير والتقاعس عن العمل وتكذيب بالحسنى.. عصى هذا العبد ربه فيسره للعسرى هذه سنن إلهية {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} فالمسلم الذي يقبل على ربه ويصنع الخير وينشر الخير ويصلح نفسه من الداخل باستبدال العادات السيئة إلى حسنة ويستقبل يومه بتفاؤل وجد ونشاط فإن الله سيوفقه ويرشده إلى الهدى والفلاح {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} في المقالة القادمة سأهديك رؤية بسيطة لكيفية استقبال اليوم الجديد وجعله سعيداً.

سطور أخيرة

قد تتهيأ وتتوفر لك كل وسائل الرفاهية وقد تتحقق كل أمنياتك وأحلامك لكن سعادتك نسبية وليست كاملة والسبب -فيما يبدو لي- هو جفاف الجانب الروحاني وعدم التوازن فغلبت الجانب الدنيوي على الأخروي فكن من الذين يقولون {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ولا تكن من أصحاب {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ}.

ماجستير في علم اللغة التطبيقي


alhamada1427@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد