لست ممن يحبون التباكي والتبجيل للماضي ليقيني التام أن الماضي كان حاضراً استطاع أبناء جيله تشكيل إرثه الثقافي واللغوي وفقاً لأدواتهم المتاحة لهم، ولمعرفتي التامة بأن حاضرنا لو عمل به وفقاً لمعطياته وأدواته لكان يوازي السابق ويتفوَّق عليه، ولعلي أختصر ذلك في الشعر الشعبي في فترته الحالية التي يحتضر بها الشعر ويفتخر بها الشاعر بنفسه وبمنجزه العظيم (القصيدة) وسبب هذا الفخر كله فقط كونه شاعراً.
فتضخم الأنا لديه جعله يعتقد أن ما يقوله يعجز الآخرون عن قوله!! مثل هذا الشاعر والكثير من زملائه الذين ومع الأسف بدؤوا يتصدرون أغلفة المجلات وشاشات القنوات الفضائية (والتي أضرت الشعر من حيث تريد أن تفيده أو تستفيد منه) لن يبقوا كباراً إلا في عيون محبيهم قبل أن يكونوا شعراء.
أعود لتأكيد ما سبق من أن المتلقي والمنابر الإعلامية والشعراء أنفسهم لو تعاملوا مع الشعر وليس الشاعر لكان أفضل لهم ولنا، خصوصاً في ظل هذا الاكتظاظ والتزاحم على منابر الشعر وفي مجالسه التي تعج بالشعراء المتحفزين فقط لطلب قصيدة منهم.
كان من المفترض أن يكون الاهتمام بالشعر.. لأن الشعر وحده هو من يملك خاصية البقاء.. وبقاء الشاعر مقرون بجودة شعره..
نبض مقفى
قالت: الشعر أمانة في صدور الرجال
قلت: وأكذبه ما يغريك يا أصدقه
كيف ترسو أمانينا وبحر الوصال
كل ما مرّ به مركب غرام أغرقه
اعتراف
سيبقى الشعر هو المركب الحالم الجميل الذي نرمي به الكثير من عذاباتنا وأمنياتنا ويقبلها رغم تناقض أحوالها..
ولعل هذا هو (سر) ذيوعه وقربه من الناس.
لكن هل سنغرق هذا المركب الجميل ب(أنانيتنا) المفرطة..
أم أننا ننتصر له ونتعامل معه بوعي أكثر..؟
حتى يبقى (المتنفّس) الأقرب لذواتنا الشاعرة..