في لقاء تشرفت به مع أعضاء مجلس إدارة الجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات (وقاية) بصاحب السمو الملكي الأمير/ نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية.. وبهدوئه ووقاره المعروفين عنه قال لنا: إن المخدرات هي العدو الأول لهذا الوطن.
وعندما يقول مسؤول الأمن الأول في الدولة مثل هذا الكلام وهو الذي يعرف ماذا يقول.. وأمامه الأرقام والإحصائيات التي تؤيد ما ذهب إليه فإن ذلك يعني الكثير والكثير.
أما لماذا كانت المخدرات هي العدو رقم (1) للمجتمع وللوطن بشكل عام فلأنها تشكل الخطورة الأكبر على أمن البلد.. فهي السبب الأول لمعظم الجرائم التي تقع في مجتمعنا اليوم.. فالشخص الواقع تحت تأثير المخدر لا يعرف ماذا يفعل!! لأن المخدرات تدمر مركز التمييز في عقل الإنسان.. والذي به يميز بين الصواب والخطأ.. وبين الحق والباطل.. وبه يتعرف على ما هو حرام وما هو عيب.. فإذا تعطل هذا المركز أصبح الشخص كالحيوان.. بل أسوأ وأشد.. لأنه حينها لا يفرق بين حق ولا باطل.. ويقدم على أمور ما كانت لتخطر على باله إطلاقاً لولا المخدرات.. وإلا فكيف نفهم أن يقدم إنسان على اغتصاب والدته أو ابنته أو أخته.. وكيف يقوم شخص بقتل والده.. أو دهس ابنته ذات العامين بالسيارة وهو يضحك.. كيف يمكن أن تتخيل شاباً يقدم على قطع يد والدته وهي نائمة بالساطور لينتزع ما تلبسه من ذهب.. ويخرج من البيت دون شعور ليبيع الذهب.. ويشتري بثمنه مخدراً يتعاطاه مع رفقائه من شياطين الإنس.. تاركاً إياها تنزف حتى الموت..
هذه كلها أمور حقيقية... وقعت.. وتقع للأسف الشديد في مجتمعنا.. الذي عهدناه دائماً مجتمعاً طاهراً.. يحترم فيه الصغيرُ الكبيرَ.. ويرحم الكبيرُ فيه الصغيرَ.. مجتمع تعد فيه طاعة الوالدين وبرهما ركناً من أركانه.. وبديهية من بديهياته.. مجتمع يغار فيه الإنسان المسلم الحر على شرفه وعرضه أن ينتهكه أحد.. ويموت دون ذلك.. فضلاً عن أن ينتهكه هو بنفسه.. بل ويغار فيه الفرد المسلم الحر على عرض جاره كما يغار على عرضه..
وكما أشرت، فإن كثيراً من الجرائم التي تحدث اليوم من قتل أو سرقات ونهب أو اعتداء أو اغتصاب وغيرها سببها المخدرات.. والسجون ونوعية المساجين تشهد على ذلك.. بل إن كثيراً من عمليات الإرهاب اليوم تُمول بأموال المخدرات.. وفي كثير من الأحيان يقوم بها أشخاص تحت تأثير المخدر... أو أشخاص كانوا يتعاطون المخدرات ثم تابوا وشفوا منها ويريدون كما يزعمون وكما يصوره لهم ذلك دعاة الفتنة أن يكفروا عما فعلوا مرة واحدة.. وكم فقدت الأمم من مفكرين وفنانين كبار وأطباء ولاعبين مشهورين وغيرهم بسبب وقوعهم في شرك المخدرات التي لا ترحم أحداً.. بل إن المرأة في كثير من المجتمعات.. وفي مجتمعنا أيضاً.. لم تسلم هي الأخرى من الوقوع في فخ المخدرات.. فأصبح هناك الكثير من الفتيات والسيدات اللواتي يتعاطين الكحول والمخدرات.. وكم من عفيفة باعت شرفها للحصول على المخدر الذي أدمنته.. وكم من أم باعت شرفها وشرف بناتها من أجل المخدرات..
كم من أم تسببت في تشويه جنينها جسدياً أو عقلياً بسبب تعاطيها المخدر وهي حامل.. بل إن هناك دراسات تربط بين إدمان الأم الحامل ووقوع ابنها في المخدر بعد ذلك..
المخدرات هي عدونا الأول.. والأدلة واضحة.. فكم من أرواح أزهقتها.. وكم من أسر دمرتها ودمرت سمعتها.. وكم من شباب أضاعت عليهم مستقبلهم.. وقضت على آمالهم..
دعونا نفكر في قدرة المواطن الذي وقع في الإدمان على الاحتفاظ بولائه لوطنه وأمته.. وهو الذي فرط في دينه وشرفه وماله وأسرته وسمعته.. وما هو الحال لو كان هذا المدمن يحمل رتبة عسكرية ومؤتمناً على أسرار الدولة.. عندما تستعبده المخدرات ويصبح فريسة على يد عصاباتها.. وكيف لو استطاعت تلك العصابات القيام بتوظيفه ضد بلده.. فيصبح أداة في يد أعدائه.. وقد قرأنا وسمعنا عن الكثير من ذلك في عدد من الدول..
إذاً العدو الذي:
* يضيع حياة الإنسان ودينه وشرفه.
* ويدمر المجتمعات.
* ويدفع الابن إلى قتل أبيه.
* ويدفع الرجل إلى اغتصاب محارمه.
* ويجعل القتل أمراً سهلاً للإنسان.
* ويجعل المرأة تبيع شرفها.
* ويُحوِّلُ الرجلَ الشريفَ إلى ديوث يتاجر بأهله من أجله.
* ويقف وراء الكثير من عمليات الإرهاب.
* ويجعل من المواطن خائناً لأمته.
أَلا يستحق أن يكون هو فعلاً العدو رقم (1) لنا جميعاً.. من أجل ذلك.. ومن أجل أبنائنا وبناتنا.. ومن أجل وطننا.. لنقف معاً.. حكومةً وشعباً.. رجالاً ونساءً.. بكل ما نملك.. بالكلمة.. بالمال.. بالجهد.. بالدعاء.. بالتعاون.. لحماية أبنائنا ومجتمعنا من شر المخدرات وأضرارها، وهذا ما تسعى الجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات (وقاية) لتحقيقه.
رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات