Al Jazirah NewsPaper Monday  17/03/2008 G Issue 12954
الأثنين 09 ربيع الأول 1429   العدد  12954
وحفظك الله ياوطني
د.عبدالرحمن بن سليمان الدايل - وكيل الوزارة بوزارة الثقافة الإعلام - سابقاً

ترتبط نعمة الأمن في حياتنا بمقومات الحياة السعيدة المطمئنة، فقيمة الأمن راسخة لدى الأمم والشعوب منذ عرفت الحياة فوق الأرض، ويسجل القرآن الكريم أهمية الأمن ومكانته حين أنعم الخالق سبحانه وتعالى على قريش بالأمن وربط بينه وبين إطعامهم قال:

{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}.

ولقد شهدت جزيرة العرب في الماضي تطبيقاً حقيقياً للارتباط الوثيق بين نعمة الغذاء ونعمة الأمن، ويؤكد تاريخ إنشاء هذا الصرح الكبير الذي أقامه وأسسه الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - ومعه رجاله المخلصون، إن الملك المؤسس قد أدرك عن يقين، ما ابتليت به القائل والبادية من غزوات حينما كانت تفتقر بعضها إلى ما يكفيها من ماء وغذاء فتغزو غيرها للحصول على قوتها وتسلب ما لديها حتى تسد حاجتها فكانت فراسة المؤسس - طيب الله ثراه - أن يقيم الأمن ويوطد أركانه في مختلف أنحاء الوطن وينشر لواءه في ربوعه، وكانت ملحمة الأمن وإقامته هي البوابة الحقيقية في بناء الوطن على أسس راسخة من العقيدة السمحاء.

وانطلقت مسيرة الحياة على أرض الوطن في مراحل تجديدية وتطويرية حيث نظم الملك عبدالعزيز شؤون البلاد وفق مقتضيات الحكم والإدارة والتنظيم وكانت لإدارة الأمن أهميتها في التنظيم الذي بدأه الملك المؤسس حتى يستقر الأمن وتنتشر مظلته على ربوع الوطن وأخذت خدمات الأمن تنتشر في أنحاء المملكة، وكانت تركز في بدايتها على قوى المشاة وجنود المرور والخيالة وشرطة حماية الأخلاق ثم تشعبت وظهرت مكاتب المحاسبة والتفتيش والسفر ومراقبة الأجانب كما أقيمت للحرم المكي شرطة خاصة لملاحظة قدسية واستتباب الهدوء والطمأنينة في أرجائه الطاهرة، ثم تتابعت مسيرة التنظيم الإداري للأمن لتتناسب مع التنمية التي عايشتها المملكة في مختلف المجالات، وبطبيعة التطور المعاصر تطورت المهام المسؤوليات الأمنية الملقاة على عاتق وزارة الداخلية، فقد شهدت أرض المملكة خططاً تنموية نقلت الحياة فيها من حال إلى حال، وشهد العالم المنصف بما حدث في بلادنا من تنمية وتطور وتقدم فاق جميع التوقعات والتصورات والحسابات، حيث قفزت التنمية في المملكة بمعدلات تشير إليها مختلف مظاهر التنمية التي ارتسمت على أوجه الوطن وفي مختلف الميادين، وتم كل ذلك بفضل الله ثم بما توافر للتنمية من مناخ أمني فريد عبر عنه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية حين قال في أحد أحاديثه: لقد تحققت لنا قاعدة أمنية عريقة، فريدة في منهجها، مستقيمة في مسيرتها، سامية في مقاصدها حيث بلغت في ظلها مسيرة التنمية أعلى معدلات النجاح.

ومع استمرار مسيرة التنمية بقفزات سريعة وخطوات واثقة تضاعفت مسؤوليات أجهزة الأمن التي أصبحت تتعامل مع مختلف الجنسيات ذات اللغات والثقافات والطباع المتباينة، وصارت منافذ المملكة المختلفة تستقبل الآلاف منهم كل يوم بما يلقيه ذلك من أعباء وما يتطلبه من جهود من كافة الأجهزة الأمنية التي وعت مسؤولياتها وأدركت شرف القيام بمهامها، ولنا أن نتصور حجم هذه المسؤوليات في وقت تنوعت فيه الجرائم وتعددت أسبابها وطرائقها ونتائجها في ظل تقدم وسائط الاتصال المعاصرة، وأدوات التقنية الحديثة، وأصبحت الجريمة المنظمة ذات تأثير كبير على أمن البلدان، وفي نفس الوقت أطلت جرائم الإرهاب الدولية وجرائم المخدرات بصورة مخيفة على الواقع الأمني، وأخذت عصابات الجريمة تطور أدواتها ووسائلها في عصر الانفتاح والعولمة مما يستلزم من أجهزة الأمن أن تطور أداءها ليتلاءم مع المتغيرات ويواجه التحديات.

وتضاعفت حدة التحديات عندما كشرت الأحقاد ونفوس الحاسدين عن أنيابها في محاولة لضرب أو هز الحالة الأمنية الفريدة في هذا الوطن للعمل على النيل من الاستقرار والطمأنينة والوحدة والتلاحم وكافة سمات الأمن الفريد الذي عرف به هذا الوطن. وتمكن أعداء الأمن أن يحركوا الفكر الضال في نفوس بعض الضعفاء المغرر بهم، واشتدت المواجهة بين رجال الأمن الأوفياء وبين هذه التحديات التي تكالبت وتجمعت للمساس بأمن الوطن وأبنائه، وأثبت أبناء المملكة مقدرتهم الفائقة على المواجهة الواعية النشطة التي أصبحت مضرب المثل في التعاون والتكاتف والتلاحم بين الحاكم والمحكوم والتنسيق الفعَّال المتعاون بين رجال الأمن والمواطنين، فجاءت النجاحات الأمنية المتتالية لأجهزة الوطن المخلصة، وكانت الضربات الاستباقية التي أجهضت ما يخطط له في الظلام للنيل من الأمن والاستقرار، واستمرت الجهود وتواصلت حتى ينام أبناء الوطن قريري العين ينعمون بنعمة الأمن بينما إخوانهم رجال الأمن يقدمون التضحيات أرواحاً طاهرة ونفوساً مخلصة ودماء زكية.

واستمرت مسيرة الأمن تشرق كل يوم بالإنجاز الذي يستوجب الفخر والإعجاب ممن يقدرون نعمة الأمن ويعرفون قيمة الحياة الآمنة السعيدة.

لقد وفر رجال الأمن مناخاً نفسياً لأبناء هذا الوطن مواتياً للعمل وبذل المزيد من الجهد للتنمية والتقدم الرخاء، كما وفروا ولله الحمد أجواء من الطمأنينة والأمان لضيوف بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين ومن الرحال إلى مسجد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من مختلف أنحاء العالم، وصارت قصة الأمن في الحجيج درساً عظيماً وشهادة تقدير للأمن السعودي يتجدد عطاؤها مع كل عام، ويتم ذلك - بحمد الله - في وقت تشتد فيه التحديات التي تتطلب مواجهتها من قبل الجميع بالفكر والجهد والعمل المخلص البناء. وهي مواجهة يستحق القائمون بها والمخططون لها شكر أبناء الوطن وتقديرهم وتعاونهم للمحافظة على نعمة الأمن، ولعل هذا ما أشار إليه رجل الأمن الأول صاحب السمو الملكي وزير الداخلية في قوله: إن نعمة الأمن في بلادنا تحتاج منا إلى مضاعفة الجهد وتكريس الطاقات وبذل المزيد من العطاء، شكراً لمن وهبنا إياها، وحفاظاً على استمرارها وبقائها.

وحفظك الله يا وطني في ظل الأمن والأمان والنعمة والاستقرار ووفق رجال أمنك لمزيد من العطاء.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد