ليس أصعب على الإنسان.. من أن يتحدث عن إنسان ميت.. جمعتك به معرفة أو علاقة أو صداقة أو قرابة أو زمالة..
** الموت حق.. وهو نهاية كل حي في هذه الدنيا.. ولا نملك.. إلا التسليم لقضاء الله وقدره.
** قبل أيام.. فقدنا أحد الذين عملوا في خدمة الوطن بإخلاص وصدق ومسؤولية وأمانة..
** مات الأستاذ عبدالله بن محمد الفهيد.. مدير مكتب الاستقدام سابقاً.. ومدير عام شؤون الأجانب بوزارة الداخلية..
** عبدالله الفهيد.. بدأ حياته الوظيفية بعد تخرجه من الجامعة موظفاً في الوزارة.. وتدرج في مكتب الاستقدام حتى وصل إلى إدارة المكتب عن جدارة واستحقاق.
** الكل.. يعرف عن عبدالله الفهيد رحمه الله.. الإخلاص والجد والحرص الشديد على تطبيق اللوائح والأنظمة..
** كان يستقبل الجميع بابتسامته المعروفة.. وكان شهماً متواضعاً بسيطاً في حياته..
** كان قليل الكلام لدرجة أنك قد تجلس معه ساعة أو ساعتين مكتفياً بالإنصات أو بردود سريعة مختصرة.
** كان مديراً لمكتب الاستقدام لسنوات.. شهد المكتب في عهده.. الكثير من التطوير والتحديث ودقة العمل والتعامل وسرعة الإنجاز.
** وكان مكتبه مفتوحاً للجميع.. كان يحضر للدوام على غير عادة بعض المديرين.. حيث كان يحضر قرابة السابعة والنصف.. ولا يخرج إلا عند الساعة الثالثة.. وربما زاد عن ذلك..
** كان مرجعاً في اللوائح والأنظمة.. وكان يحفظ الأنظمة عن ظهر قلب..
** كان قريباً من العمل.. يدور داخل المكاتب بنفسه.. ويقف أحياناً مع المراجعين.. ويجلس في غرفة المراجعين يستمع لهم ويتابع خطوات العمل..
** كما كان قريباً أيضاً من المراجعين وهمومهم وتلمس مشاكلهم.. وكان يصغي لهم كثيراً.. وكان زملاؤه في المكتب.. يتعجبون من أنهم عايشوا موظفاً ومديراً لعقود.. دون أن يشاهدوه في يوم من الأيام.. غاضباً أو منفعلاً أو صدر منه تصرف غير مقبول.. بل كان بسيطاً رقيقاً مبتسماً هادئاً في كل تحركاته وأعماله.. وكان يستوعب بسعة أفقه وبعد نظره ودماثة خلقه.. كل خطأ.. ويعالجه بهدوء وصمت..
** والذي يزور مكتب الاستقدام إبان إدارته.. يشاهد أرتالاً بشرية في الصباح الباكر.. تنتظر فتح المكتب ولكن.. إذا عدت لنفس المكان عند التاسعة صباحاً.. لم تشاهد.. إلا قلة.. فقد تم إنجاز معاملات كل هؤلاء.. وحصلوا على ما يريدون في وقت يسير..
** وقبل أن يصبح مديراً لمكتب الاستقدام.. كان مساعداً لمدير المكتب لسنوات.. عمل فيها بكل كفاءة ومسؤولية استحق أن يكون هو المدير بعد شغور الموقع..
** كان يعاني من المرض لعدة سنوات.. ولم يكن يعلم أقرب الناس له عن هذه المعاناة..
** كان يراجع المستشفى بهدوء وصمت.. ولم يقل لأي شخص كان.. أنه كان يعاني من مرض صعب عضال.. بل كان مؤمناً مطمئناً هادئاً..
** حتى اللحظات الأخيرة في حياته.. كانت تعكس حجم هدوء هذا الإنسان.. وحجم ما يتمتع به من قوة داخلية وإيمان صادق.. وهدوء أعصاب.. وحرص شديد مع الصمت وعدم إزعاج الآخرين.
** رحم الله عبدالله الفهيد.. وأسكنه فسيح جناته.