يُعدُّ الإنتاج (إنتاج السلع والخدمات) محركاً أساساً للنشاط الاقتصادي. والعمل ورأس المال هما قوام هذا الإنتاج.
ويقاس حجم الإنتاج في العرف الاقتصادي بالناتج المحلي الإجمالي. وبالتالي، فالزيادة في حجمه هي زيادة ضمنية في حجم النشاط الاقتصادي، ويعبَّر عن هذه الزيادة بمفهوم (النمو الاقتصادي).
ومن هذا المنطلق، نجد أن سوق العمل يأتي في جوهر النشاط الاقتصادي؛ فكلما زاد حجم النشاط فإن هذا يعني ضمناً وجود تزايد في (استخدام عنصر العمل). ويعبَّر عن هذا (الاستخدام) بالارتفاع في معدلات التوظيف. وعليه، فإن الزيادة في حجم الناتج المحلي الإجمالي يجب أن يترتب عليها زيادة في معدلات التوظيف (وانخفاض في معدلات البطالة). فهل لهذا المنطق البسيط وجود في الاقتصاد السعودي؟!
منذ العام 2002م والاقتصاد السعودي ينعم بمعدلات نمو اقتصادي إيجابية أتت نتيجة معطيات عدة، تتمثل إجمالاً في ارتفاع أسعار النفط من جهة، إضافة إلى حزمة الإصلاحات الاقتصادية وإعادة الهيكلة التي يمر بها الاقتصاد السعودي. فقد نما بحوالي 30% خلال الفترة ما بين 2002 و2007م. أي أن الاقتصاد السعودي أصبح (أنشط) و(أغزر إنتاجاً) بحوالي 30%. وبالتالي، فإن المنطق يقضي بأنه قد جرى استخدام المزيد من العمالة خلال هذه الفترة! غير أن الأرقام الرسمية تشير إلى أمر غريب! فقد ارتفع معدل البطالة بين السعوديين بحوالي 23% (حسب أحدث الأرقام المنشورة). وهذه الزيادة المستمرة في أعداد العاطلين من المواطنين لا تنفي حقيقة استخدام المزيد من العمالة لخلق هذا النمو الاقتصادي، غير أنها تؤكد أن هذا الاستخدام كان لصالح العمالة الوافدة!
إنَّ هذا الأمر يؤكد بوضوح أن سوق العمل من أقل مكونات الاقتصاد السعودي استفادة من وتيرة النمو الاقتصادي الحالية؛ ما يعني أنها تعاني من (شروخ هيكلية كبيرة) تحرمها من الاستفادة من معطيات الاقتصاد الإيجابية! ويأتي (إدمانها العجيب) على العمالة الوافدة كأبرز هذه (الشروخ) و(أشدها وطأة)!
إنَّ أسواق العمل هي أحد أهم مصادر الدخل للأسر، كما أنها أحد أبرز أدوات الحكومات للسيطرة على الفقر، وصمام أمان اجتماعي وسياسي وأمني؛ ما يجعل إصلاحها (أم الأولويات)!
استشاري اقتصادي
algudhea@yahoo.com