صدر مؤخراً مشروع لائحة طرح الأوراق المالية، وهي اللائحة المعنية بتنظيم وقواعد عملية طرح الأوراق المالية في السوق، تلك العملية التي تهم كل مستثمر أو مهتم بالاستثمار، بل إن الطرح في حد ذاته بما يقدمه من أرباح مضمونة للمواطنين من طرح الأوراق المالية الجديدة يعد هو المنفذ الأكيد للربح في ظل اضطراب وتذبذب مؤشر السوق،،،
وكذا تذبذب أسعار الأسهم المدرجة قديماً به... لذلك، فبمجرد السماع بخبر نشر مشروع هذه اللائحة، استحثت كافة من ذهنه متعلق بالسوق من بعيد أو قريب سعياً وراء التعرف على مفصلات عملية الطرح وكيفية تنظيمها، بل لتوضيح مزيد من الجوانب التي تساعد على إحراز أو ضمان أكبر قدر من الربح من جراء كل طرح جديد بالسوق.
إلا أنك عندما تتطلع على مشروع اللائحة تفاجئ بأنها لا تساعدك في مساعك هذا، بل إنها تدخلك في تفاصيل هي أقرب لاهتمامات كبار أو خاصة المستثمرين أو ذوي الخبرة أو ذوي الملكية بالسوق، إن الأمر الملاحظ باللائحة الجديدة أنها عندما تناولت موضوع الطرح العام الذي يخص كل مواطن، جاءت مقتطبة، ولم يتعد عدد كلماتها نحو 50 كلمة في صفحة واحدة (هي الصفحة (7). في حين أن كافة التفاصيل جاءت لتنظيم عملية الطرح الخاص.. نعم الطرح الخاص كان ملحوظاً أنه يتطلب مزيداً من التقنيين سواء لأهميته أو للثغرات التي يمكن أن يستغلها البعض فيه.. ولكن التساؤل الذي يثير نفسه.. هل هذه اللائحة تُرحل كافة التفاصيل عن الطرح العام للائحة التنفيذية لقواعد التسجيل والإدراج؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فهل هذه القواعد الأخيرة منذ صدورها منذ عامين تقريباً وفي ظل التحركات والمستجدات الكبيرة والمتسعة على ساحة السوق لم تتطلب تعديلاً؟
ومن جانب ثالث، فقد انطوت اللائحة على بعض الألفاظ التي قد تحتاج إلى متابعة دقيقة لكي تتفهم معناها، مثل الطارح والمطروح عليه. بل كان ملموساً في بعض أجزاء اللائحة بعض الجفاء في بعض معني العبارات أو تركيباتها، والتي قد تقرأها مرات عديدة ولا تستطيع استيعابها بالصورة الدقيقة.. ونعرض بعض الأمثلة بما ورد في المادة الخامسة بالصفحة (6) في تعريف الأشخاص الذين يمكن أن يطلق عليهم المطروح عليه: لأغراض الفقرة (أ) من هذه المادة، لا يعد الطارح عالمًا بأن شخصًا يتصرف بصفته وكيلاً للغير أو بصفته موزعًا، ما لم يحصل على معلومات أو إقرار بأن هذا الشخص يتصرف بهذه الصفة).
ومن جانب ثالث، فإن هناك العديد من المفاهيم التي لا تنبثق من اللغة العربية أو بالأحرى قد ترتبط بترجمات من لغات أخرى، مثل مصطلح المستثمرين ذوي الخبرة، فهذا التعبير يشير إلى تعبير غير محدد أو مطاط يمكن أن يحوي داخله الكبير والصغير، بل أنك تحتاج للتقييس لحساب من يندرج تحت هذا التعبير ومن خارجه.
بصفة عامة، فرغم أن اللائحة الجديدة قد اهتمت بتفاصيل عملية الطرح الخاص من كافة جوانبها، إلا أنها تحتاج إلى بعض تبسيط الألفاظ لكي يسهل فهمها، وربما تحتاج إلى فك العبارات إلى عدد أكبر من الكلمات لكي تكون في متناول فهم عامة المستثمرين.. فليس كل المستثمرين خبراء محترفين، بل حتى المتخصصين الماليين قد يعانون من صعوبات في تتبع بعض العبارات الصعبة في هذه اللائحة.. ولكن من أبرز ما تثيره هذه اللائحة هو.. هل تركيزها الواضح على تقنين الطرح الخاص يعني أن المستقبل يسير ناحية تخصيص أو تحجيم الأطروحات المقبلة في حيز المستثمرين ذوي الخبرة؟
محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com