مكة المكرمة - واس
دعا إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الدكتور سعود الشريم إلى الاستقلال الاقتصادي والابتعاد عن التبعية الاقتصادية وسيطرة المجتمع المسلم على مقدرات بلاده الاقتصادية دون تدخل أجنبي, وقال: إن فقدان السيطرة الاقتصادية هو فقدان لما عداه من السيطرة السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية.
وطرح الشريم خلال خطبة الجمعة في المسجد الحرام أمس الحلول لما اسماه (الفوضى والتخبط) بالرجوع إلى الاعتماد على الاقتصاد الإسلامي شرعة ومنهاجاً, لافتاً إلى أن الأمة الإسلامية في هذا العصر تكتوي بلهيب من الفوضى الاقتصادية والضعف التنموي، كما أنها تعيش فساداً اقتصادياً يدب دبيباً ويتسلل بين الحين والآخر عبر منافذه الرئيسة.
وقال: (إن كثيراً من الدراسات الحديثة تؤكد وجود علاقة عكسية بين الفساد الاقتصادي والنمو ومن هنا فإن الأمة الإسلامية لو أخذت بالمعنى الحقيقي للاقتصاد الإسلامي لما حادت عن الجادة ولما عاشت فوضى التخبط واللهث وراء المال من خلال التهافت على ما يسمى البورصة والمرابحات الدولية التي لم تحكم بالأطر الشرعية وفوضى التخبط أيضا في سوء الموازنة وعدم إحكام القروض المالية في الحاجيات والتحسينيات ما يسبب تراكم الديون على مجتمعات لا تطيق حملها ولذا فإن التنمية الاقتصادية الإسلامية لا تعترف بتنمية الإنتاج الاقتصادي بمعزل عن حسن توزيعه كما أن جهود وأهداف الاقتصاد الإسلامي يجب أن تكون مصاغة بعناية فائقة للقضاء قدر الطاقة على فاقة الفرد المسلم وبطالته وأميته ومعاناته السكنية والصحية والغذائية).
وأضاف سعود الشريم بقوله: (من هنا حرص الإسلام على توفير ضمانات لتحقيق هذه التنمية الاقتصادية واستمرارها ولعل من أبرزها تحقيق الاقتصاد التنمية المستقلة لدى المجتمع المسلم ليكون قائداً لا منقاداً ومتبوعاً من قبل غيره لا تابعاً).
مبينًا أن الناس لو تأملوا حقيقة المفهوم الاقتصادي الإسلامي لما وقعوا في مثل هذه الفوضى والتخبط لأن كلمة الاقتصاد في الأصل مأخوذة من القصد وهو الاستقامة والعدل والتوازن في القول والعمل وفي الإيرادات والصادرات وفي الكسب والانفاق لافتاً إلى أن الاقتصاد الإسلامي هو في الحقيقة توازن في التنمية واعتدال في السوق المالية يحمل المجتمع المسلم إلى الاعتدال والموازنة دون إفراط أو تفريط ولذا كان واجباً على المجتمعات المسلمة أن تسعى جاهدة إلى أسلمة الاقتصاد والتنمية من خلال توحيد المصدر وهو كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم لأن العقيدة الصحيحة وصحة المصدر كفيلان في إحسان تشغيل الملكية على مستوى الأفراد والشعوب.
وقال خطيب المسجد الحرام: (إن المشكلات الاقتصادية التي يواجهها العالم الإسلامي اليوم ما هي إلا بسبب غياب المنهج الاقتصادي الإسلامي الصحيح والذي يتناول تنظيم جوانب النشاط الاقتصادي في الحياة العامة بالعدل والتعاون والتكافل والإحسان التي من خلالها تتحقق المصالح للأمة وتدرأ المفاسد عنها وأن التطبيقات المعاصرة في المؤسسات المالية الإسلامية في مجال المصارف والتأمين لفي حاجة ماسة إلى إدراك المجتمعات والحكومات والسلطات الرقابية لقيمتها والأثر الإيجابي في دعمها وتوثيقها مشيراً إلى أنه إذا ما أريد إذكاء مثل ذلكم النشاط الاقتصادي الصحيح فعلينا جميعاً ألا نهمل عنصرين مهمين في هذا الميدان إلا وهما عنصر الزكاة وعنصر الوقف إذ بهما يتحقق الدعم اللا محدود لتحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي للأمة إضافة إلى الوعي التام في التعامل مع العولمة الاقتصادية التي أصبحت واقعاً يفرض نفسه على العالم أجمع مما يؤكد التعاون الاقتصادي البناء بين الدول الإسلامية لزيادة التبادل التجاري بينها وإنشاء سوق إسلامية مشتركة تنافس الأسواق المالية العالمية لأن مستقبل المسلمين يجب أن يصنع في بلادهم وعلى أرضهم وبكدحهم وأخلاقهم حتى لا يقعوا فريسة لأخلاق التسول الفكري الاقتصادي بكل صنوفه في طاقاتهم ومقدراتهم.