اثنان وسبعون ساعة فقط استغرقت زيارة سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى دولة قطر، كانت كافية لإظهار مدى قوة ومتانة العلاقة بين المملكة وقطر.
هذه العلاقة التي كانت مثار تداول طوال الخمسة أعوام الماضية؛ إذ لم يعد يخفى أن (غيمة) وأكثر من سحابة صيف كانت تشوب سماء العلاقات بين البلدين، وكان المراقبون -وأنا منهم- يعجبون من وجود مجرد خلاف بين السعودية وقطر بالذات، فقطر من بين دول الخليج العربية أكثر الدول قرباً وتجانساً مع المملكة العربية السعودية، ومع أن علاقات وروابط السعوديين بالخليجيين جميعاً كثيرة وقوية -تبدأ من تشابك العائلات وتصاهرها؛ إذ إن كثيراً من هذه العوائل يتوزع أبناؤها بين المملكة ودول الخليج، أيضاً تشابك المصالح ووحدة المصير وترابط القيادات، كثيرة هي الروابط وأكثر من أن تحصى وتعد- إلا أن التجانس مع قطر هو الأكثر والأميز؛ فأبناء قطر ينتمون إلى قبائل عربية انطلقت من المملكة ولايزال ابناؤها فيها، بل حتى المذهب الحنبلي -وهو المذهب الذي يأخذ به معظم أهل المملكة وبالذات أبناء نجد- هو المذهب السائد في قطر، ومحاكم قطر الشرعية بدأت بقضاة من المملكة، وفي زياراتنا لخارج المملكة نجد أبناء المملكة يميلون لأبناء قطر مثل ميلهم لنا.
باختصار.. كنا ولازلنا مع القطريين نشعر أننا الأقرب لبعضنا، ولهذا فلم تؤثر التشويهات التي قام بها من لم يؤتمن على ما أؤتمن عليه، حينما حاولوا تحويل قناة الجزيرة إلى أداة هدم لعلاقات قطر بأهلها وإخوانها دول الخليج العربية وبالذات المملكة، وقد فرضت الحكمة وأواصر العائلة الواحدة والأخوة والمصالح المشتركة نفسها، وأعادت تصحيح قناة الجزيرة لخدمة علاقات قطر بأهلها ومحيطها الخليجي والعربي، وأخذت قنوات الاتصال تعود لمجاريها، وبحسب هذا السياق فإن لسمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني المبادرة ووصوله إلى المملكة وتباحثه بقلب مفتوح وذهنية راقية مع أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القائد ذي القلب الكبير الذي يتسع للجميع، والقادر على احتضان الجميع سعياً لخير الأمة والمنطقة، ولهذا لم يحتاجا -الملك عبدالله والأمير حمد- سوى لقاء واحد لإزاحة الغيمة التي عكَّرت أجواء المنطقة الخليجية، لتعود العلاقات إلى سابقها. بل يبشر المستقبل بعلاقات أفضل ليس بين المملكة وقطر فحسب، بل بين دول مجلس التعاون الخليجي، هذا التجمع الإقليمي الذي أصبح (العربة) التي تقود العمل العربي المشترك، وكلما تناغمت دول الخليج العربية وانسجمت قياداتها واستطاعوا صياغة سياسة موحدة واستراتيجية يلتزم بها الجميع نفعوا منطقتهم الخليجية وأهلهم، وانعكس ذلك على الأمتين العربية والإسلامية.
jaser@al-jazirah.com.sa