المدينة المنورة - مروان عمر قصاص
(سبيلنا سبيلكم سبيل الله يا عطشان) هذه الأهزوجة الشعبية يشدو بها أحد أشهر الساقين في المدينة المنورة العم مالك جبلاوي في سوق المدينة المنورة في الجنادرية، حيث يقوم بالتجول في السوق ويقدم الماء البارد المعطر للزوار كصورة شعبية تنال استحسان الجميع، وهذه الصورة هي تجسيد لعادة تعارف عليها أهالي المدينة المنورة في الأزمنة الماضية وتعرف ب (السبيل) وهو مصطلح يدل على منهل الماء الذي يقام في الأماكن العامة ليستقي الناس منها، وعلى مدى التاريخ حرص الكثير من الولاة والأثرياء في المدينة المنورة على إقامة (سبيل الماء) لوجه الله تعالى لما فيها من الثواب وفعل الخير، وكانت الأسبلة في أول أمرها ملحقة بالمساجد، وامتداداً للمبادرة وحب الصدقة استقل (السبيل.. سبيل الماء) بأشكال عبر نقش حجري ونمنمة بارعة تجسد رقي العمارة الإسلامية تزينها الزخارف والنقوش والكتابات القرآنية والأقواس المعمودة أو الأقواس الملساء والأقواس الكتابية من شعر أو آيات القرآن الكريم، وألحقت بأطراف القصور والمزارع والدور والأسواق، ويجسد مدى العناية والاهتمام بهذه الإنشاءات مساحة من شخصيتهم وبذلهم يزيدها تناسقاً ودقة في الهندسة والمتانة أمام عوارض الزمن.