Al Jazirah NewsPaper Wednesday  12/03/2008 G Issue 12949
الاربعاء 04 ربيع الأول 1429   العدد  12949
المهمة الغائبة للصحافيين
ناصر عبدالله السهلي

يتجنب المسؤول الحكومي في أي قطاع أو جهة إقامة مقابلة أي صحفي يرى أنه مخلص لمهنته، جرئ في طرق الأسئلة التي تهم المواطن بحجة بعض المواقف التي نشر فيها بعض الصحفيين تصريحاً نفاه المسؤول في اليوم التالي.. أو ندم عليه بعد أن تلقى تأنيباً من رئيسه الأعلى منه، ومثل هذه المواقف تتكرر لدى أكثر من صحيفة وأكثر من جهة، فأحياناً يكون التصريح واقعياً ومثبتاً لكن نتائجه تقود المسؤول لنفيه وأحياناً أخرى يكون النشر بصياغة مختلفة قد تفسد المعنى وتأوّله لآخر، وهو ما يوقع المسؤول في حرج، من هنا يتجنب كثير من المسؤولين الالتقاء بالصحفيين الذين يفرضون أسئلتهم بالطريقة التي يريدونها ولا يتركون بذكائهم فرصة للمسؤول لكي يوجههم لما يود نشره فقط.. ولا أظن أن مسؤولاً حكومياً واحداً يفرح برؤية (صحفي) من هذا النوع والذي يسمونه مشاكساً في مكتبه حتى تتبدل قناعاته تدريجياً.. ولا أعتقد أن ذات المسؤول يبادر بالرد هاتفياً عليه عند وقوع حادثة معينة تمس طبيعة عملهما، وما يجب أن يدركه أي مسؤول في القطاعين الحكومي والخاص هي أن مهنة الصحافة مهنة سامية وأن مهمة الصحفي تتركز في الحصول على الإجابة عن أسئلته أو حتى الاعتذار عنها من باب تغليب المصلحة العظمى إذا كان نشرها قد يؤدي إلى كارثة تمس الوطن، ومن باب (ليس كل ما يعرف يقال) هذا أفضل من تهميشه والتواري عنه والكذب على الناس. في الآونة الأخيرة أصبح بعض المسؤولين الحكوميين يبحثون عن صحفيين من (نوع آخر) لأجل تلميعهم وتمرير بعض الأخبار والتصاريح التي يريدونها لمصالح شخصية بحته لا التي يبحث عنها القارئ وتصب في صالحه. مما دفع ببعض الصحفيين المخلصين لمهنتهم والمؤمنين برسالتهم أن يصارعوا من أجل البقاء في عالم تجاذبته المصالح والأهواء وطغت عليه في مجمل حياته المجاملات والاطراء فراحوا يبحثون بطرق أشبه بالاستخباراتية عن مصادر تكشف لهم ما يدور في هذه الجهة أو تلك لتتصدر أخبارهم الصفحات الأولى من صحفهم. لم نعد نرى بشكل لافت مسؤولاً حكومياً يكشف في تصريح لأحد الصحفيين أمراً مهماً أو يعترف بقصور إدارته في جانب من الجوانب لم يعد المسؤول قادراً على الإجابة عن أسئلة الصحفي قبل تمريرها وتنقيحها من العلاقات العامة التي تأخذ أياماً في بعض الجهات وشهوراً في إدارات أخرى وربما تمتد إلى السنوات دون مبالغة خاصة إذا لم تكن أسئلة الصحفيين سطحية وكانت جريئة تلامس هموم الناس وتطلعاتهم لسماع إجابة شافية حول قضاياهم (المعلقة) سواء حياتهم المعيشية أو التعليمية أو الصحية. منذ سنوات تمكن بعض الصحفيين (إياهم) من اختراق الحاجز الأمني للمعلومة في عدة جهات وانفردوا بأخبار مؤكدة تفاجأ بها المسؤول الذي حجب نفسه عن مقابلاتهم والإجابة عن أسئلتهم وربما كان أهون عليه أن يلتقيهم كجزء من واجباته بدلاً من الكشف عما هو مستور وغير متوقع وصوله إلى الصحافة على الإطلاق.. مخالفات كثيرة وأخطاء في القرارات وقرارات تحت الدراسة كشفتها الصحافة وتعرضت لشمس الانتقاد والتحليل ما كانت لتكشف لولا وجود مخلصين ومعارضين للظلم في تلك الجهات وهم من يصفهم المتضررون أنهم حاقدون غير مؤتمنين على أسرار عملهم. إني أحيي كل مواطن وكل صحفي مخلص غيور على وطنه ومجتمعه عندما ينقل الحقائق التي تصب في صالح الوطن بالدرجة الأولى ينقلها لترى النور في الصحافة أو ليكشف أخطاء فادحة أو فساداً مستشر في جهة من الجهات، إن أمثلة ذلك كثيرة مما ينفع الوطن والمواطنين كالكشف عن جرائم العمالة الوافدة، وتمرير المكالمات، وأوكار الدعارة والمخدرات، وعمليات النصب والاحتيال والتزوير، والأخطاء التعليمية والطبية الفادحة، وغيرها كثير، كما أحيي كل مسؤول حكومي يفتح قلبه ومكتبه للصحفيين دون تهرب من المسؤولية فيجيبهم بما يريدون أو يعتذر منهم بلباقة على أسوأ تقدير، إن مثل أولئك بحاجة إلى تقدير أو تكريم أو على أقل تقدير هم أحوج بالدعاء بأن يوفقهم الله ويعطيهم

على قدر نواياهم.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد