الروتين له مكانته الخاصة لدينا، قد لا نكون نحن الذين نختاره، لكن طبيعة تعاملنا مع وظائفنا، ومسائلنا تجعل هذا الروتين ملازماً لنا، وركناً أساسياً في دورتنا الزمنية دون أن نبحث عن وسيلة نجدد بها أنفسنا ليستقيل هذا الروتين من حياتنا ولو قليلاً.
تعليمنا لا يزال روتينياً فردياً على الرغم من عقود التجارب في التعلم التعاوني وما رافقه من نظريات تربوية، وعملنا اليومي في وظائفنا يبدأ كل يوم وينتهي كما بدأ وانتهى بالأمس، حتى حياتنا في بيوتنا مرغومة بما تعودنا عليه ولم نختره وأي محاولة للتجديد أو التغير نراها نشازاً فنسارع إلى رفضها واستهجانها.
حدثتني السيدة (حنان) عن تجربة جديدة يتم التعامل بها حالياً مع أطفال (سند) التي ترعى الأطفال المصابين بالسرطان. لمن لا يعرفون (سند) والتي ترأسها سمو الأميرة عادلة كريمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.
ملخص التجربة يتمثل في نقل المؤسسة التعليمية إلى المستشفى أو بعبارة أخرى، ذهاب المدرسة إلى الطفل المريض حيثما كان، وتقديم التعليم له حيث هو، بعد أن تخصص المستشفى أو المؤسسة الطبية المكان المناسب للتعليم، وهنا تقوم (سند) بتجهيز المكان التعليمي بما يحتاجه الأطفال من وسائل وأدوات تعليمية.
البرنامج المطبق حالياً في (سند) يقتضي أن ترسل المدرسة معلماتها أو معلميها حيث يرقد الطفل المريض بالسرطان، وتقدم له الوجبة التعليمية بما يتناسب ومستواه وإمكاناته وقدرته على التركيز والتعلم.
مثل هذا البرنامج جدير بالاحترام والاهتمام، وما تقوم به (سند) بالتعاون مع المدرسة الراعية للبرنامج هو مثال يجب أن يُحتذى في مؤسساتنا الاجتماعية ودور الرعاية، مثلما تقوم المؤسسة الخيرية الوطنية للرعاية الصحية المنزلية التي ترأسها حرم خادم الحرمين الشريفين سمو الأميرة حصة طراد الشعلان بالوصول إلى المحتاجين في منازلهم وتقديم الرعاية الطبية لهم هناك، وهذان مثالان حيان على ما يمكننا أن نقوم به من عمل مبدع لا يمكن أن يتم بالوسائل الروتينية وبالطرق المعهودة من العمل، وكم هو جدير بالاهتمام أن تضطلع الكثير من المؤسسات بدعم مثل هذه البرامج والاستفادة منها في التأسيس لبرامج خدمية أخرى تقدم ما لا تستطيعه مؤسساتنا على وضعها الحالي تقديمه.
التحية للمخلصين والمخلصات في الفكر والعمل لأن الفكر السليم يعطي رؤى مبتكرة، ويدفع باتجاه العمل الصحيح الفاعل.
لا فائدة ترجى من تقنية لا نحسن استخدامها ولا طائل من وراء أموال الدنيا كلها ما لم نتقن توظيفها.
كثيرة هي الأفكار عند شبابنا، ولديهم الاستعداد للعمل والعطاء، ولدينا المجالات غير المحدودة للتطبيق في سبيل التطور والنهوض بمجتمعنا، وأهل الخير كثيرون.. ما نحتاجه هو قليل من التبصر وإعطاء الفرص لمن يريدون العمل.. ووضع التسهيلات والمرونة في التعامل مع المؤسسات موضع التنفيذ الفوري.
نحن في حاجة إلى أن نخرج من قمقم الروتين إلى فضاء الإبداع الذي يخدم الإنسانية.. وتاليتها؟!!