حسناً وضع واضعو جدول أعمال مؤتمر القمة الإسلامي الذي سينعقد في العاصمة السنغالية دكار بنداً لمناقشة الاساءات المتعمدة التي تقوم بها بعض الدول الأوروبية. فاتساع مساحات العنصرية والتطاول الذي يتكاثر من بعض الأوروبيين بالذات يجب أن يواجه بمواقف إسلامية جامعة وبأسلوب ديمقراطي وحضاري, يظهر أن المسلمين لا يمكن أن يسمحوا لأحد أن يتطاول على رموزهم الإسلامية وخاصة نبي الرحمة والإنسانية محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم, فالنبي المصطفى نبي مرسل لكل البشر, وإظهاره بالصورة التي تحاول جهات التطرف والكراهية والعنصرية الأوروبية هي مسٌ للقيم الإنسانية والإسلامية معاً.
المسلمون قادة وعلماء حاولوا فتح نوافذ الحوار وتشجيع التعايش والتعارف بين الأديان والحضارات, خادم الحرمين الشريفين وما يمثله من قيادة روحية ودولية تحظى بتقدير واحترام جميع المسلمين أقدم على خطوة تحمل معنى وتوجهاً حضارياً وفكرياً يعبر عن سماحة الاسلام وسعيه للتعاون مع الجميع من أجل خير الإنسانية, عندما توجه إلى الفاتيكان لإنجاز أعلى اتصال بين رأسي أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية, كما قام أكثر من مئة عالم إسلامي بتوجيه رسالة فكرية عقدية إلى نظرائهم من علماء الدين المسيحي تفتح باب الحوار بين هؤلاء العلماء لمحاصرة مظاهر العداء ولمواجهة قوى الإلحاد التي تنشر دعاويهم وتبث سمومهم من خلال استهداف الأنبياء والرموز الدينية, وقد وجدت هاتان المبادرتان - مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعلماء المسلمين- استجابة جيدة من الفاتيكان ورجال الدين المسيحي، حيث ستعقد قمة إسلامية مسيحية للعلماء في الفاتيكان يشارك فيها بابا الفاتيكان شخصياً, والتي نتوقع أن تسهم في توسيع دائرة الفهم بين المشاركين مما ينعكس على العلاقة بين أتباع الديانتين الأكبر والأهم. هذه التحركات الإيجابية التي هي في صالح البشرية تواجهها قوى الكراهية والشر, فالملاحظ أنه بعد نجاح لقاء خادم الحرمين الشريفين وبابا الفاتيكان والتعامل بإيجابية مع مذكرة علماء المسلمين, أعيد نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم، وفجر نائب هولندي إساءة أخرى بالإعلان عن إنتاج فلم للإساءة إلى القرآن الكريم.
مصادر مؤكدة تكشف أن وراء الحملات المنظمة للإسلام والمسلمين شبكة جواسيس إسرائيلية, وأن من أطلق رسوم الكاركاتير المسيئة في الأصل يهودي أحد عملاء الموساد مزروع كصحفي في الصحيفة الدنماركية التي بدأت فعلة الإساءة. وهكذا فإذا عرف السبب بطل العجب.. يستترون خلف حرية الفكر, فهل يجرؤ أحد مخرجي أو كتاب السيناريوهات إلى وضع نص أو إخراج فلم يوضح حقيقة هيمنة اليهود على اقتصاد وإعلام أوروبا وعلاقة ذلك بالهولوكوست؟!.. أم أن حرية الفكر تقف عاجزة عن مواجهة اليهود ويستقوى بها على المسلمين فقط؟!.. ليكن قادة المسلمين حازمين وحاسمين تجاه هذه القضية المهمة جداً ذات الأبعاد الدينية والسياسية والحضارية.. وليكن الرد حضارياً بالعزوف عن التعامل مع ما يوسع دائرة الكراهية ومد اليد للذين يسعون لتوسيع دائرة معرفة الآخر واحترام قيمته وانتماءاته الدينية.
jaser@al-jazirah.com.sa