Al Jazirah NewsPaper Wednesday  12/03/2008 G Issue 12949
الاربعاء 04 ربيع الأول 1429   العدد  12949
بلا تردد
مصنع التعاسة
هدى بنت فهد المعجل

(1)

حكت لي من متعتها رؤية رجل يتعذب.. وكيف أنها تستمتع أكثر إن كانت هي من تسبب في عذابه.. بل إن مداركها تتفتح.. وذهنها ينشط للدراسة عندما ترتكب هذا الجرم في حق رجل ما..!!

وفي الوقت الذي تتساءل لماذا أنا هكذا؟؟!

هل أنا طبيعية أمام تصرفي وشعوري؟؟!

في الوقت الذي تطرح على نفسها وعلي تلك الأسئلة؛ تعلن أنها تجد متعة وسعادة يعجز لسان الوصف عن وصفها..!

ثم تساءلت هل ما أجده من شعور إزاء تصرفي هذا شعور فعلي بسعادة.. أم تعاسة توهمتها سعادة؟ فكان أن استفهم ذهني عن مفهوم التعاسة لدى الناس.. ولدي.. ولديها.. ونحن نرى تصرفات تجلب لأصحابها السعادة وفي الوقت نفسه تجلب لآخرين غيرهم التعاسة بحيث اختلف المفهوم لدى الجميع.. حتى اعترتني حيرة عميقة.. هل تلك الفتاة تشعر إزاء موقفها من تعذيب الرجل بسعادة أصلية.. أم مقلدة خلت من ختم الأصالة..؟

أو أن السعادة ليست سوى تعاسة مغلفة..؟

(2)

ذات يوم سأل رجل أحد الحكماء عن الفرق بين السعادة والتعاسة. فقال الحكيم : سوف أريك كيف يشعر الناس بالتعاسة. ودخلا حجرة بها مجموعة من الناس يجلسون حول إناء كبير به طعام. لقد كانوا جميعاً يتضوّرون جوعاً، لكنهم يائسون من عدم استطاعتهم تناول الطعام، على الرغم من أن كلاًّ منهم يمسك بملعقة يمكن لها أن تصل للإناء، ولكن كل ملعقة بها ذراع يفوق كثيراً ذراع أي منهم، حيث لا يمكن لهم استخدام هذه الملاعق لتوصيل الطعام إلى أفواههم. فكم كانت المعاناة الشديدة !

وقال الحكيم بعد برهة : هيا، سوف أريك الآن كيف يشعر الناس بالسعادة. ودخلا حجرة أخرى مطابقة تماماً للحجرة الأولى: إناء الطعام، مجموعة الناس، الملاعق نفسها ذات الأذرع الطويلة. لكن الناس كانوا جميعاً سعداء.

قال الرجل متعجباً: لا أستطيع فهم ذلك، كيف يمكن لهؤلاء أن تغمرهم كل هذه السعادة هنا في حين أن الآخرين يغمرهم إحساس البؤس والتعاسة على الرغم من تشابه كل الظروف؟! وهنا ابتسم الحكيم قائلاً: آه. إن السعادة هي أنهم تعلموا كيف يطعم كلٌّ منهم الآخر.

(3)

تشابه الظروف ليس دليلاً على تشابه موقفنا منها ونظرتنا إليها.. هذا ما أكده الحكيم لصاحبه وضعفت عقولنا عن الاستيعاب..!! أو نحن من أسكنها صالون الضعف مع أن الأجدر بها مباني القوة.

وقد أعجبتني فلسفة الدكتور (إبراهيم الفقي) للسعادة وتتلخص في الآتي: - لا يوجد إنسان تعيس ولكن توجد أفكار تسبب الشعور بالسعادة - إن لم تكن سعيداً داخلياً لن تكون سعيداً خارجياً - إن لم تكن كما أنت الآن لن تكون سعيداً عندما تصبح ما تريد - إن لم تكن سعيداً بحياتك الآن لن تكون سعيدا بأي حياة - إن لم تكن سعيداً بأهلك ووطنك لن تكون سعيداً بأي أحد - لو نظرت حولك وعرفت حقيقة من أنت لن تستطيع أن تكون غير سعيداً - لا يوجد طريق للسعادة لأنها هي الطريق - السعادة الحقيقية تكمن في حب الله تعالى.

فلسفة في عدة أفكار صالحة أن تشكل حياة بأكملها إن نحن أمعنَّ النظر فيها وسرنا على أساسها ثم آمنا بالقوانين السبعة للسعادة: (قانون الحب - قانون التسامح - قانون العرفان - قانون الانجذاب - قانون الوفرة.. أي أعط لتأخذ - قانون العودة.. فكل ما تعمله يعود إليك بنفس النوع والطريقة - ثم قانون السبب والتأثير.. أي سبب له تأثير عليك وعلى من حولك).

(4)

قوانين سهلة عندما ندونها في سجل القراءة.. أو دفتر الكتابة.. فهل ستكون بالسهولة نفسها حين التطبيق..؟؟!

أعتقد أنه ينبغي علينا معرفة أسباب التعاسة كي يسهل الأمر على الجميع؛ أمر التسجيل والتدوين.. ومن ثم التطبيق.. فما هي أسباب التعاسة..!؟

(البعد عن الله سبحانه وتعالى - ضعف القيم - نقص الاحتياجات وعدم الأمان - عدم الرضا والعرفان والتقدير - عدم حب الذات وتقبلها - التركيز على التقبل الاجتماعي وإرضاء الآخرين - ضياع الأمل - المنافسة الاجتماعية والمقارنة - التوقع والنتائج - التركيز على المادة والحياة المادية - تراكم الأحاسيس السلبية من الماضي - الخوف والقلق من المستقبل - التركيز على المؤثرات الخارجية وكل ما يجلب التعاسة - عدم وجود المعنى للوجود).

كل فقرة من فقرات التعاسة تمثل محاضرة لو أعطيت حقها من الاهتمام.. وحينئذ هل ستحار تلك الفتاة بين التصرف الذي يصدر منها وبين اصطدامها بشعور متضارب، محير ومؤلم.







لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6086 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد