أصبح التحدي الذي تواجهه وزارة الثقافة والإعلام كبيرا خصوصا أن المشاهدين الكرام ملوا وربما سئموا في فترة من الفترات من الابتسامات التي يوزعها بعض المذيعين واستملاحهم لتقديم الفواصل بين البرامج والجملة المكررة التي غدت كأنها ماركة تجارية (أعزائي المشاهدين والآن..) ولم يعد المشاهد يملك صبر أيوب كما كان في السبعينيات والثمانينيات من القرن الميلادي المنصرم, فالمشاهد أصبح بفضل ما تزدحم به القنوات الفضائية يمل بسرعة ولا يرضى منشغلا بالريموت كونترول يقلب ما بين قنوات المشرق والمغرب لا يستحمل أن يقضي خمس دقائق في مشاهدة قناة إلا إذا أصيب الريموت بالعطب أو انتهى مزوده من الشاحن (البطارية) وهذا التحدي استطاعت وزارة الثقافة والإعلام أن تجابهه بكل ثقة منذ أكثر من سنتين لاسيما عقب تولي معالي الأستاذ إياد مدني دفتها وسعى جاهداً إلى تحديث الوزارة في شقيها الثقافي والإعلامي وعلى مستوى الإعلام أصبح التلفزيون السعودي حاضراً في زمن الفضائيات من خلال قنواته الخمس وما تبثه من برامج ومنوعات وأفلام ترفيهه ترضي المشاهد فقد استطاعت قناتا (الإخبارية) و(الرياضية) أن تستحوذ على اهتمام المشاهدين وتناقش كثيرا من القضايا في جرأة وشفافية لم يعهدها المتلقي من قبل، ونقلت نبض الشارع السعودي ورؤاه تجاه العديد من الموضوعات عبر برنامجه اليومي (عطفا على السؤال) ومذيعيه الذين أثبتوا كفاءاتهم في إدارة الحوار وامتلاك نواصي الحديث في برامج أخرى مثل عادل أبو حيمد وياسر العمرو وريم الشامخ وجمال المعيقل وغنام المريخي، بالإضافة إلى مذيعي القناة الرياضية صلاح الغيدان وعبدالرحمن الحسين، وقد شهدت خلال هذه الأيام إطلاق قناة خامسة لنقل فعاليات الجنادرية وأحسسنا بقيمتها عندما نقلت ولأول مرة وعلى الهواء مباشرة الأنشطة الثقافية من قاعة الملك فيصل بفندق الإنتركوننتال، وكم تمنينا أن تقوم (القناة الإخبارية) بنقل فعاليات والأنشطة الثقافية المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب؛ إذ لا تقل أهميتها عن أهمية محاضرات الجنادرية وربما تفوقها في بعض الندوات والاقتراح المرجو لوزارة الثقافة والإعلام أن تنشئ قناة سادسة (الحوار) تبث من خلالها مواد مسجلة من محاضرات وندوات تقيمها المؤسسات الثقافية وهي غير مكلفة مادياً؛ إذ لو أحصينا مثلاً عدد المحاضرات والندوات التي أقيمت في مدينة الرياض هذا الأسبوع فقط لوجدنا أنها أكثر من خمسين محاضرة وندوة أقامها مهرجان الجنادرية ومعرض الكتاب ومؤسسة الملك فيصل والنادي الأدبي بالرياض وجامعة الملك سعود وهذه الخمسون محاضرة توفر لنا أكثر من 100 ساعة صالحة للعرض على مدى أربعة أيام متتالية ولا تحتاج فقط إلا إلى عملية رصد وتسجيل ومن ثم يعمل لها (فلترة) و(مونتاج) وأصبح وجود مثل هذه القناة ملحة لاسيما أن هناك أماسي ثقافية تقام على مدار العام في جميع مناطق المملكة منها على سبيل المثال أحدية راشد المبارك وخميسية حمد الجاسر واثنينية عبدالمقصود خوجة وفعاليات ومناسبات أخرى يطمح المشاهد في متابعتها، وهذه القناة المقترحة لا تقتصر على الجوانب الثقافية فقط بل تسجل كل المحاضرات الدينية والطبية والاجتماعية والاقتصادية والفنية لكي تستقطب جميع الشرائح الاجتماعية لمتابعتها.