عندما تلتقي الخضرة الندية الساحرة، والمياه العذبة الجارية، والجبال الشاهقة، والهواء العليل، لا يسع المرء إلا أن يعيش الجمال والسحر والخصوصية، وهذه هي الباحة التي لا تستطيع أن تراها أو تقطنها، إلا أن تسبح بحمد رب الجمال وخالقه ومبدعه، وتهتف من أعماقك قائلاً: ما أجمل الباحة وما أروع جمالها.
لا يحتاج المرء بالإضافة إلى البصر لبصيرة خارقة لكي يدرك ما تمثله منطقة الباحة من أهمية كبيرة على الخارطة السياحية بالمملكة، وما تزخر به من معالم أثرية تشكّل عناصر مهمة للجذب السياحي من أبرزها غابة رغدان ومنتزه القمح وغابة شهبة وقرية ذي عين، ودرب أصحاب الفيل وقريتا الخلف والخليف، وما لا يقل عن 40 غابة وتليفريك أثرب ينقل السياح من جبال السراة الشاهقة إلى سهول تهامة، هذه المعالم تحكي امتزاج رونق الطبيعة بعبق التاريخ وتميز الباحة الجميلة بنكهة الترفيه والترويح وتؤهلها لمكانتها السياحية المرموقة بين المعالم السياحية بالمملكة، ولا غرو أن تحظى الباحة بما تجده من عناية من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود وتوجيهاتهما السديدة ومتابعتهما الدؤوبة.
ولم يفت على الهيئة العليا للسياحة، ولا على فطنة سمو أمينها العام الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ما تشكِّله الباحة من أهمية سياحية، فأسهمت هيئة السياحة في تطوير السياحة بالمنطقة، والاهتمام بتوثيق معالمها الأثرية والتاريخية، ومناطق الجذب السياحي ذات الجمال الطبيعي الخلاب، وهذا أضفى على سياحة الباحة الجانب الصناعي والمهني التخصصي، بحكم ما تضمه الهيئة من خبرات وكوادر بشرية وطنية وخطط ومشروعات مستقبلية لتطوير سياحة المنطقة ضمن الخطط الرامية للتطوير السياحي الشامل بالمملكة الذي بدأ يُؤتي ثماره ولله الحمد.
هذه الثروة السياحية لم تعد قاصرة فقط على زوار المنطقة أو سكانها (زهران وغامد) أصحاب العبارة الشهيرة (مرحباً هيل عدد السيل)، بل صارت ملامحها تنتقل إلى الزوار في كل عام عبر المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، هذه التظاهرة السياحية التراثية الثقافية التي يتوافد إليها الناس من الجزيرة العربية والخليج ومن جميع أنحاء العالم في كل موسم، إذ تشارك إمارة الباحة ب(بيت الباحة) وهو أول بيت تمَّ بناؤه في قرية الجنادرية حيث أُنشئ عام 1410ه، ليجسد النمط المعماري التراثي السائد في المنطقة، ويعكس عبق الأصالة من خلال مزجه بين الماضي التليد والحاضر الجديد، كما يضم (بيت الباحة) سوقاً شعبياً يُعرض فيه عدد من الأدوات التراثية والفنية والحرفية بالإضافة إلى عروض الفنون الشعبية التي تُقام في محيط هذا الجناح.
وتمثل الحرف اليدوية السائدة في منطقة وتُمثِّل حضوراً واضحاً في الجنادرية من خلال (بيت الباحة)، وتشمل النحالين والنجارين وصناعة السيوف والآلات الزراعية وصناعة الجلود والصناعات النسيجية وغيرها، كما تمثل معرض الفنون التشكيلية والأدوات الأثرية جانباً مهماً داخل بيت الباحة، ويعكس جناح الباحة في مهرجان الجنادرية مظاهر الجذب السياحي في المنطقة وتُوزع فيه الكتب والمطويات التي تُعرِّف الزوار بأهم المواقع السياحية، كما أن العرضة الشعبية تُعتبر من أبرز مكونات (بيت الباحة) وتعكس فولكلور المنطقة من خلال فرقة الفنون الشعبية والتراث بفرع جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة، ويحتضن بيت الباحة عدداً من شعراء المنطقة الذين يحيون لياليها ويضفون أجواء احتفالية رائعة على المهرجان ويساهمون في عملية الجذب، ويولي الزوار اهتماماً خاصاً لبيت الباحة في الجنادرية لما يجدونه فيه من عناصر الجذب والإمتاع والتسلية، وما يجدونه من تجديد في كل عام.
المشاركة الفاعلة التي تسهم بها منطقة الباحة في مهرجان الجنادرية وبهذا اللون الجميل والرائع من التنوع التراثي الثقافي الفني الإبداعي، تعكس عمق الثراء وتنوع المكونات، وتجذر المفاهيم السياحية والتراثية لدى سكان المنطقة وتؤكد حرص إمارة المنطقة متمثلة في صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود على تطوير السياحة فيها، وتشكِّل عنصراً مهماً من عناصر إثراء مهرجان الجنادرية التراثي الذي يحظى بدعم وتشريف ورعاية القيادة الحكيمة - أيدها الله - بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظهما الله -، وأدام عليهما نعمة الصحة والعافية والتوفيق، وأدام نعمه وخيره ورخاءه على بلادنا أرض الحرمين الشريفين وعلى المواطنين والمقيمين وزوار هذا البلد الطيب.