«الجزيرة» - خاص
بروح وطنية, وفكر علمي عملي، وأهداف وطموحات عالية وعالمية، يحدثنا المهندس محمد بن حسين العساف عن الشركة العالمية لأنابيب الدكتايل (إندبكو)، ومصنع الجبيل، وأهمية أنابيب الدكتايل (حديد الزهر المرن) للبنية التحتية، ولمشاريعها في السعودية ودول الخليج التي تعيش طفرة إنمائية هائلة يتزايد فيها الطالب على هذه الأنابيب التي تعيش مدى الحياة، وتتسم بالمرونة، وتمنع التسرب.ولعل اللواء مهندس متقاعد محمد العساف قد أخذ من العسكرية والتحمل والصبر على المشاريع بعيدة المدى، وحب المغامرة المدروسة كما يسميها، والتحدي، ومن الهندسة الدقة، والتخطيط، والعمليات المحسوبة.
فهو بالإضافة إلى كونه شريك مؤسس لإندبكو ومديراً تنفيذياً لها، فهو شريك مؤسس لشركة مناجم، وعضو مجلسها، ورئيس مجلس إدارة إندس للاتصالات، كما أنه رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية لتقييم وتثمين الأصول (تثمين).
* ماهي إندبكو فكرةً، ومشاريع وأهدافاً؟!
الشركة العالمية لأنابيب الدكتايل المحدودة (اندبكو) هي إحدى شركات القطاع الصناعي لمجموعة فال القابضة.
- الفكرة نبعت بحكم مجالي المهندسي، واطلاعي على الاحتياجات المتزايدة لأنابيب الدكتايل، ليس لدينا في المملكة فحسب بل في الخليج والمنطقة، وباقي أنحاء العالم، فالدكتايل أو الزهر المرن منتج له خصائص فنية فريدة من نواحي المرونة والمقاومة، وليس له مماثل أو بديل في مشاريع البنية التحتية كالمياه والصرف الصحي، إضافة إلى الغاز، ومياه الحريق، والمياه الصناعية.
وبناء على ذلك، ولأن هنالك استيرادا كبيرا له مع الطفرة الهائلة في المنطقة، بدأ التفكير لدينا في إقامة مصنع يساهم في سد هذه الاحتياجات.
وقد قمنا بدراسة الجدوى الاقتصادية التي أثبتت أنه استثمار، صناعي ناجح، ويتماشى مع خطط الدولة في إيجاد مصانع تخدم الوطن والمواطن، وتصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، وتم تطبيق الفكرة وتنفيذها وذلك بإنشاء أكبر مصنع لإنتاج أنابيب حديد الدكتايل في المنطقة بمدينة الجبيل الصناعية التابعة للهيئة الملكية على أرض مساحتها 155 ألف متر مربع.
* لمسنا حسكم الوطني من خلال رغبتكم في توطين الصناعات الثقيلة، وتطويرها، واهتمامكم بالكوادر الوطنية.. فما تعليقكم على هذا الجانب؟!
- الوطن ربانا وعلمنا وله فضل علينا، ومن واجبنا أن نرد ولو بعض دينه وجميله، ولعل التربية العسكرية عمقت فيني هذا الإحساس، وعندما دخلت مجال الأعمال الحرة عبر دراستي الهندسية وخبرتي، اخترت ما يصب في النهاية في خدمة الوطن، ويقع على عاتق رجال الأعمال أيضاً واجب وطني كبير.
* كيف ينعكس ذلك على إندبكو من ناحيتي الاقتصاد الوطني، والسعودة؟!
- كما ذكرت لك هو واجب وطني، ونحن في اندبكو من خلال هذا المصنع نساهم في بناء البنية التحتية، ونسد حاجة ملحة لهذا النوع من الأنابيب، ونخفف على الوطن عبء الاستيراد، بتوطين هذه الصناعة، كما أن الأولوية لدينا للسعوديين، وذلك ضمن خطة تصاعدية للاعتماد عليهم في مختلف مراحل الإنتاج، ولدي قناعة بأن المواطن المتعلم والفني لا يختلف بأي شكل من الأشكال عن الأجنبي، بل إنه يتفوق عليه من ناحية الولاء والانتماء، مما يسند أمن المنشأة والثبات الوظيفي فيها.
ومن خلال تجربتي الشخصية فإنه متى وجد المواطن التشجيع، وكوفئ بما يستحقه، ونال حقوقه، ضمنت منه إنتاجا مميزاً، وإخلاصاً، وإتقاناً في العمل.
خيارات استثمارية
* قد يستغرب المهتمون بالاستثمار خياراتك الاستثمارية فمن (مناجم العربية) والتعدين وهو استثمار شاق وبعيد المدى وجديد، إلى استثماراتك في تصنيع أنابيب (الدكتايل) وهو غير مسبوق في المنطقة، لا بل إنه لا يوجد منه إلا مصانع في أمريكا والصين بالأحجام التي تنوون تصنيعها، ببساطة لماذا؟!
- قد يكون حب المغامرة، ولكن المغامرة المدروسة، والتحدي بحساباته، وحب الجديد والإقدام على ما هو غير عادي. مألوف، وقد أفادتني دراستي الهندسية، والتخصصي في مجال عملي في مشاريع وزارة الدفاع، في انتهاج هذا الطريق والمضي قدماً فيه.
المردود الاقتصادي
* هل يمكننا التعرف على هذا الاستثمار بشكل تفصيلي، وبلغة الأرقام، وما هو المردود الذي خططتم له؟!
- هو استثمار صناعي لشركة اندبكو تمخض عن إنشاء مصنع إنتاج أنابيب حديد الزهر المرن (الدكتايل) في مدينة الجبيل الصناعية، بأقطار تتراوح من 100ملم إلى 2200 ملم، وتصل القيمة الاستثمارية إلى ما يقارب 700 مليون ريال.
والمردود الاقتصادي مضمون بحول الله، مع دعم الدولة بتفضيلها الصناعة الوطنية كما تنص الأنظمة، وعدم الاستيراد من الخارج، فنحن بإذن الله منافس جدير جودة وسعراً.
بدايات.. وتحديات
* كيف كانت البدايات، وما هي الصعوبات التي تواجه هذا النوع من المشاريع؟
- كما ذكرت لك البدايات كانت فكرة تم دراستها، والتحقق من جدواها، ثم تطورت إلى عمل على أرض الواقع، ولا يوجد عمل كبير كهذا بدون صعوبات، لكننا تمكنا من تذليلها والحمد لله بروح الفريق الواحد، وبالتفهم الذي وجدناه من كافة القطاعات.
* من باب الإنصاف أيضاً ما هي التسهيلات التي تقدمها الدولة لكم كمستثمرين؟
- التسهيلات التي تقدمها الدولة كثيرة بدءا من الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ودعم الدولة ممثلا في صندوق التنمية الصناعي، وهيئة الاستثمار، وانتهاء بالسهولة في إنجاز الإجراءات.
* ما هي الشركات الأجنبية التي تعاونتم معها لتنفيذ هذا المشروع؟
- عدة شركات منها IOB الألمانية، واندكتوثيرم الأمريكية، وwtie الصينية، وتايكو ووتر الأسترالية لتزويد المعرفة.
الشرائح المستهدفة
* لكل منتج خطط تسويقية، ما هي خطتكم التسويقية، وشرائحكم المستهدفة؟!
هدفنا الأول هو مشاريع الدولة والسوق المحلي بطبيعة الحال، ودول الخليج، وأسواق المنطقة، وكذلك أوروبا.
* وهل هنالك منافسون لكم في السوق، ومم تتخوفون؟
- الحقيقة أنه لا يوجد لنا منافس في المنطقة من ناحية الأحجام التي ننتجها، وكما تعلم فلا يوجد من ينتج هذه الأحجام الكبيرة إلا مصانع قليلة في الصين وأمريكا فقط.
* أنت رئيس مجلس إدارة عدة شركات، ومدير تنفيذي لشركة إندبكو، أين يكمن السر في هذه المقدرة؟
- قد يكون الإصرار، وحب العمل والإنتاج مما يولد لديك شعور بأنك منتج ومؤثر ولك قيمتك في المجتمع، وكل ذلك من تعاليم ديننا، وفعل ذلك يشعرك بالرضا عن النفس، ويغمرك بالطمأنينة والسعادة.
توطين الصناعة ورأس المال
* استناداً على خبرتك الطويلة، بم تنصح رجال الأعمال، والمستثمرون الجدد، لكي يثبتوا أقدامهم كما فعلت في مجال الصناعات الثقيلة، أو لمن يتخوفون من خوض غمارها؟!
- أعود وأكرر بأن الإصرار على تحقيق هدف محدد يؤدي إلى ذلك مهما كانت المصاعب والتحديات، متى وجدت الرغبة الصادقة، والتخطيط السليم.ويجب ألا يكون هناك تخوف من دخول عالم الصناعات الثقيلة، والاستثمار فيها، بل هو واجب، وعلينا أن نكسر حاجز أن الصناعات الثقيلة حكر على الشرق أو الغرب. بل من المهم جدا لنا توطين الصناعة ورأس المال.