مهرجان الجنادرية.. واحد من أبرز وأشهر المهرجانات التي وجدت صدى دولياً.. حيث العديد من الفعاليات الثقافية والفكرية والتراثية والفنية واللقاءات الحوارية ومناشط عدة تستهوي عاشق التراث أينما كان.. وتستهوي عاشق الفكر والثقافة والأدب ومحب الحوار..
** ومن أبرز هذه الفعاليات.. اختيار شخصية (سنوية) تستحق التكريم.. فيتم تكريمها في هذا المهرجان الذي يحظى برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز..
** وشخصية هذا العام.. شخصية استثنائية.. واحد من الرجال القلائل.. الذين أعطوا في كل ميدان.. بل هو أحد أبرز بناة هذا المهرجان الكبير.. وأحد الذين أوصوله إلى هذه المكانة العالمية الكبيرة.. وأحد راسمي خططه وفعالياته.. وأحد صانعي نجاحاته..
** واليوم.. يشاء الله تعالى.. أن يكون معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري.. هو الشخصية الذي يكرمها مهرجان الجنادرية..
** ومعالي الشيخ عبدالعزيز التويجري رحمه الله.. أحد الرجال الذين أسهموا بإخلاص وصدق ومسؤولية وقدرة وكفاءة.. في بناء هذا الوطن وأحد الرجال القلائل.. الذين تركوا بصمات في كل ميدان.
** هو رجل ثقافة وفكر وأدب ونقد.. وواحد من أبرز الأدباء العرب الأصلاء.. الذين ملؤوا الساحة عطاءً وإبداعاً أصيلاً.. وكانت مجالسه اليومية.. هي الأخرى.. منتديات تجمع رجالات الأدب والفكر والثقافة.. في حوارات استمرت لعدة عقود.. أثرت الساحة.. واحتضنت وخرَّجت أدباء.. وملأت الساحة عطاءً.. وقدَّمت للساحة أدباء شباب على مر هذه العقود.. حتى صاروا اليوم.. من أبرز الأدباء العرب.
** ومجالس الشيخ ومنتدياته وحواراته وحراكه الأدبي.. استقطب أيضاً.. المبدعين العرب.. في ميادين الثقافة والأدب والفكر والإعلام.. فصارت مجالسه مقصد الكثير من هؤلاء الذين عشقوا هذه البلاد وأحبوها وكتبوا عنها الشيء الكثير.. بل دافعوا عنها بأقلامهم عند الملمات..
** كان الكثير من الأدباء والمفكرين والمثقفين العرب.. يجد في مجالس ومنتديات معالي الشيخ رحمه الله.. يجد فيها.. المساحة الأوسع للعطاء.. ويجد فيها.. الصدر الرحب للإبداع.. حتى أن بعض الأقلام التي كانت تتناول بلادنا بشكل فيه سلبية وتحامل.. عادت للحق.. وصارت أحد أعمدة الدفاع عن الحق.. بفعل مجالس ومنتديات الشيخ.. التي لا تعرف.. إلا الصدق والأمانة والموضوعية..
** هذا.. في ميدان الأدب والفكر والثقافة.. أما على صعيد التاريخ.. فقد كان معالي الشيخ.. مؤرخاً صادقاً أميناً نزيهاً.. صاحب قلم متجرد.. عايش تاريخ هذه البلاد وكتب عنه بكل صدق وموضوعية.. وسلَّم تاريخ هذه البلاد بكل أمانة.. لكل الأجيال المتعاقبة.. التي ستجد فيه.. تاريخ بلادها كما هو..
** لقد أرخ لهذه البلاد.. وكانت كتبه مرجعاً صادقاً لكل الباحثين..
** غرف منه الأساتذة قبل الطلاب.. واستفاد منه.. الباحثون الكبار قبل طلبة العلم..
** دُرِّست كتبه في الجامعات.. وطبعت عشرات المرات.. بل إن أكثر الحوارات والنقاشات حول تاريخ الوطن.. كان مرجعها كتب الشيخ رحمه الله..
** وعلى الصعيد الإنساني.. كان إنساناً بكل ما تعني هذه الكلمة.. ومن منا.. دخل مكتبه في الحرس الوطني وخرج دون أن يحصل على ما يريد؟
** كان إنساناً متواضعاً بشكل لا يعرفه إلا من عايشه عن قرب.. وكان مكتبه مفتوحاً للجميع.. وكان يقف لمحادثة أي شخص مهما كان.. ويتحاور معه بأدب جم ولطافة ولباقة.. وكان يتحمل جهالة البسطاء.. وكان صاحب ابتسامة رقيقة هادئة لا تفارقه.. وكان يحب مساعدة الناس وقضاء حوائجهم وفك كربهم مهما تعاظمت.
** كان يقصده الناس لمصالح وحوائج لا تتعلق بالحرس الوطني فقط.. بل هي أشمل.. وكان يساعد الجميع ويقف معهم ويساند المحتاج..
ويفزع في كل ميدان.. وكان شخصية محبوبة تتقاطر الناس على مكتبه وعلى بيته.. تدفعها الحوائج والهموم والكربات والضيق.. لتجد في صدر (أبو عبدالمحسن) متسعاً ومساحة لاستيعاب الجميع وقضاء حوائجهم بكل أريحية.
** ولو أردنا الكتابة عن أبي عبدالمحسن الأديب.. أو أبي عبدالمحسن المؤرخ.. أو أبي عبدالمحسن المسؤول.. أو أبي عبدالمحسن الإنسان.. لاحتجنا إلى قواميس وموسوعات.. لأننا إزاء شخصية مختلفة تماماً.. شخصية غير عادية.. شخصية استثنائية.. شخصية صارت جزءاً من تاريخ هذه البلاد.
** كلنا.. زرنا مكتبه..
** وكلنا.. زرنا منزله..
** وكلنا.. قرأنا كتبه..
** وكلنا.. تحاورنا معه..
** وكلنا.. شملتنا فزعاته ووقفاته..
** وكلنا.. استفدنا من عطائه الفكري..
** وكلنا.. أحب أبا عبدالمحسن..
** وكلنا.. مدين له..
** وكلنا.. مقصر في حقه..
** مات هذا الإنسان الشهم العظيم قبل أشهر.. فسُدَّت الطرقات حول المسجد والمقبرة وبيته.. مما يعكس مكانته.. ومحبة الناس له.. بل إن بيته امتلأ بالمعزين لخمسة أيام أو أكثر.. والناس.. شهود الله في الأرض..
** رحم الله أبا عبدالمحسن.. رحمة واسعة.. وأسكنه فسيح جناته إنه سميع مجيب.