حينما أهداني المهندس محفوظ سالم باعظيم في لقائي به في مدينة سيئون الحضرمية كتابة (الماء.. الكائن العجيب) الذي يضم مائة وأربعين صفحة من الحجم الصغير، لم أكن أتوقع أنني سأقرأ كتاباً مفيداً، أو أطلع على معلومات جديدة مدهشة، بل لقد ظننت أن هذا الكتاب ينضم إلى آلاف الكتب التي تملأ ساحة الثقافة العالمية، وتزدحم بها دور النشر والمكتبات مما لا يسمن ولا يغني من جوع. |
ولكن هذا الكتاب استطاع أن يتحفني بمعلومات جديدة، وأخبار طريفة، تتعلق بهذا الكائن العجيب فعلاً (الماء) الذي جعل الله منه كل شيء حيّ في هذا الوجود. |
يقول المهندس محفوظ عن كتابه: لم تكن إطلالتي حول الماء من الجانب العلمي فقط، وإنما حطَطْتُ رحالي ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، تارة مع الفقيه وموقفه من الماء، وتارة مع الشاعر وعشقه للماء، وتارة مع الطبيب وعلاجه بالماء. كما لم أنس المساحة السياسية والأمنية التي أصبحت المياه تغطيها، فالأمن المائي للأمة العربية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بموقع تلك الأمة، وتلك المياه قد تشكِّل في المستقبل القريب أزماتٍ حادَّة قد تصل إلى الحروب. |
لقد عرفنا أخيراً أنَّ للماء في العلاقات الدولية لوناً وطعماً ورائحة، وأنه خيار استراتيجي لا يقل أهمية عن الأسلحة الفتَّاكة والعقول الحربية، لقد شاهدنا أنَّ الدولة يمكن أن تنتصر أو تنهزم بالماء، إنه قد أضحى ورقة سياسية تلعب بها الدول، وثروة اقتصادية تدَّرس في الجامعات. |
هكذا قرَّب إلينا الكاتب محتوى كتابه القيمِّ وقد أطلق مصطلح (الماء أمانة) مؤكداً أهمية هذا المصطلح، وأهمية توعية الأمة المسلمة به لأنها بحاجة إلى إدراك أهميته في علاقاتها الدولية، وفي حربها مع عدوها اليهودي المغتصب لفلسطين، الذي يدرك تماماً أهمية المعركة المائية في حروبه القادمة. |
تضمن هذا الكتاب أحاديث متنوعة عن الماء، منها ما يتعلَّق بكيفيته ومعناه ومنها ما يتعلق بذكره في اللغة، وفي القرآن والسنة، وبأحكامه في الفقه وهو باب واسع في كتب الفقه قديمها وحديثها، وبعلاقة الماء بالشعر وتصوير الشعراء له، وتغنيهم به، وبعلاقته بالنفس البشرية من حيث تكوينها ووجود عنصر الماء في تركيب الجسم، وحاجة المخلوقات بأنواعها إليه، كما أورد الكاتب أمثلة وحكماً كثيرة تتعلق بالماء، وتحدث حديثاً علمياً عن جودة الماء، ومواطن وجوده وغزارته أو ندرته، وكيف يتكون في الجوِّ سحباً ثقالاً وغيوماً متراكمة وجبالاً من الجليد والبردَ والثلج، ونقل كلاماً علمياً ثميناً عن صفة الماء ومظاهر تكاثفه وكمياته الموجودة في الأرض، وعن أوضاع المياه العالمية، والوضع المائي في الوطن العربي، والوضع المائي في بلاد الكاتب (اليمن). |
أما علاقة الماء بالغذاء فقد نقل الكاتب من الآراء العلمية، والتجارب الطبية والغذائية ما يستحق أن يُقرأ. |
|
لم يخلق الرحمن في الدنيا لنا |
شيئاً بلا هَدَفٍ له نترقَّبُ |
www.awfaz.com |
|