المغتصبة ليس اسم فيلم سينمائي جديد.. ولا حتى قصة مأساوية غريبة الأحداث لفتاة عربية معذبة... ولا هو كذلك عنوان رواية أنثوية رائعة أردت التسويق لها في هذا المقال، وإنما (المغتصبة) اسم حي سكني قائم يقع في وسط مدينة حائل، والاغتصاب هذا حدث حقيقي وقع على أرض بكر منذ عشرات السنين، حيث سرقت الأراضي وشيدت البيوت ليلاً كيفما اتفق وكانت خلطة الأسمنت تتم في مكان قصي بعيداً عن الموقع وتنقل فورا ليتم إنجاز العمل وفي صورة بدائية وعاجلة خوفاً من عين الرقيب المكلف بإزالة التعديات والوقوف ضد السرقات، وربما كانت الحاجة والعوز وقلة ذات اليد هي سبب الاغتصاب آنذاك، واليوم وأنت تمر في وسط هذا الحي الذي يدل اسمه على حقيقته تحزن لما ترى من أشكال البيوت وتداخل الطرق وبدائية التخطيط، وبعد مرور هذا العمر الطويل من بناء الإنسان في بلادنا الغالية كان المتوقع ألا يحدث اغتصاب جديد لأراضي الوطن البكر وقوفاً عند الرأي الفقهي الذي يوجب إذن الإمام في أحياء الأرض الموات ونزولاً على الأمر السامي الكريم رقم 21679 المؤرخ في 9- 11-1387ه القاضي ب(عدم الالتفات إلى دعاوى وضع اليد من الآن وصاعداً) وكذا ما تبعه من قرارات وتنظيمات عديدة صادرة من الجهات ذات الاختصاص، إضافة إلى أن المأمل بعد هذه السنين الطويلة نضج عقل المواطن وقناعته بعد تعلمه وتثقيفه بأهمية المحافظة على المال العام عموماً والأراضي البور على وجه الخصوص، بصدق كان هذا المؤمل والمتوخى منا جميعاً ولكن الواقع يقول غير ذلك إذ مع كل الجهود الرسمية التي تبذل من وزارة الشؤون البلدية والقروية ومن صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز شخصياً ما زالت سرقة الأراضي والتحايل على النظام و... بل ربما أشد بكثير مما كان عليه الأمر في السابق، وإن كان الدافع للاغتصاب في حي المغتصبة هذا وما ماثله من أحياء سكنية عشوائية قديمة ومن أجل الحاجة للسكن، فهو اليوم الرغبة في طلب المزيد من المال بعد التخطيط ثم البيع واستغلال حاجة المواطن المسكين ذو الدخل المحدود، وإن كان الاغتصاب في السابق لقطعة صغيرة من الأرض فهو اليوم بالكيلومترات، وإن كان الأمر التنظيمي في السابق مجرد قرارات وتحذيرات صادرة من الجهات ذات الاختصاص فهو اليوم محل اهتمام ومتابعة وتشديد من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو وزير الشؤون البلدية والقروية حفظهم الله جميعاً ومن خلفهم أمراء المناطق والمجالس البلدية والأمانات والمجمعات القروية و،،، ولم يكن الأمر ليأخذ هذه الصورة التشددية لولا خطورته المتيقنة على مسار التنمية الشاملة المقررة في خطط الدولة التطورية لهذا الجزء أو ذاك من أجزاء الوطن الغالي، وكذا لما له من أثر سلبي مباشر على ما يعرف عند أهل الاختصاص بعدالة التوزيع إذ في الوقت الذي يقف فيه ذوو الدخل المحدود منتظراً صدور قرار منحه قطعة سكنية يشيد عليها حلمه الذي يرقبه على أحر من الجمر يأتي فلان من الناس فيسطو بما يملك من نفوذ أو صفاقة وجه على أراضي شاسعة واسعة ويحيي - إن كان هناك إحياء مزعوم - والناس نيام، ولجان التعديات أعجز من أن تقف أمام هذا السيل الجارف، وبعد فترة من الزمن ليست بالطويلة يفتح صاحبنا هذا ملف قضية مطولة أمام القضاء أملاً في أن تأخذ حالة الاغتصاب هذه صفة الشرعية بالصك المدون رقم،،، وتاريخ،،، إنني باسم المواطن المنتمي لطبقة ذوي الدخل المحدود أثمن توجيهات ومتابعة ولاة أمرنا حفظهم الله ورعاهم لملف هذه القضية الواسعة والمتداخلة وأشيد بجهود إمارات وأمانات المناطق المختلفة خاصة تجربة إمارة الرياض التي يقودها ويتابعها ومنذ زمن طويل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وتجربة إمارة مكة المكرمة التي أعلن عن ميلادها قبل أيام معدودة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، ولكننا نحن المواطنين نعتقد إن لجنة التعديات بصورتها الحالية والجهود المبذولة مهما كانت أعجز من أن تقف في وجه هذا المد الواسع خاصة في ظل الآلية الموجودة حالياً للرقابة والإزالة وفي ظل غياب الضمير الذي في سعيه وراء بريق المال نسي أو تناسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اقتطع شبراً من الأرض طوقه بسبع أراضين يوم القيامة) وأملنا كبير في إيجاد العقوبات الرادعة والقوية أمام من يتجرأ على القرارات المنظمة لهذا الشأن العام في أي مدينة من مدن بلادنا الغالية، وضبط الأمور بالصورة التي لا يمكن معها الاجتهاد وتعاون وزارة العدل مع جهات الاختصاص في هذا الشأن والاعتماد بعد الله على التصوير الجوي لتحديد سنة الإحياء وما إلى ذلك من وسائل تعيد الأمور إلى ميزان الحق والعدل.