انتبهنا هذه الأيام إلى التعليم الجامعي. صار يأخذ حيزاً كبيراً من حديث المسؤولين والمثقفين. لم نتصور أبداً أن يصل الأمر أن تتبوأ إحدى جامعاتنا المركز الأخير بين جامعات العالم. إلى هذا الحد بلغ الأمر؟ سؤال لم يطرح بكامل ثقله. الاعتراف بالحقيقة الساطعة كما هي أمر مر. نحتاج إلى وقت طويل حتى نهضم هذه الحقيقة. ما يبعث على التفاؤل أن هناك إمكانية أن يكون هذا التقييم مغرضاً. لا يمكن إثبات أن هذه الجامعة أو تلك هي أسوأ جامعة في العالم. بقليل من الحكمة والعمل يمكن أن نثبت أنها ليست أسوأ جامعة في العالم. لكن ما الذي سيتغير إذا أثبتنا أن جامعات كثيرة في العالم أسوأ منها؟ على كل حال كل بلد في العالم فيه شيء سيئ وفيه شيء حسن. علينا أن ننظر إلى الجانب الإيجابي من القضية.
أتابع مع إحدى قريباتي دراستها في الجامعة العربية المفتوحة. هي الآن على وشك التخرج. أقرأ معها أولاً بأول. ذهلت من فكرة الجامعة ومن المواد التي تدرسها والطريقة التي تتعلم بها. يتصارع في ذهني الأسلوب الذي تعلمت (أنا) به والأسلوب الذي تتعلم به قريبتي. أهم قيمة لاحظتها هي رفع درجة مسؤولية الطالب. فالعلاقة بين الطالب والمدرس علاقة تكاملية وفي أسوأ الأحوال توجيهية. غياب روح السلطة. لأول مرة أشعر أن الطالب يغادر التعاليم العام نهائياً ويدخل مرحلة من التعلم هي أقرب إلى التعلم الذاتي. الجامعة العربية المفتوحة تضع الطالب في الإطار الأكاديمي وتتركه يتحمل كامل المسؤولية. فالمبنى الجامعي الذي يلتقي فيه الأستاذ مع الطالب مرة في الأسبوع أو مرتين يتكامل مع العالم الافتراضي. هذا التكامل يصنع عالماً ثالثاً غير مسبوق. الشيء الآخر المهم أيضاً أن ما تتعلمه قريبتي في هذه الجامعة هو أحدث ما وصلت إليه العلوم والأبحاث في مجال التخصص. لا يغوص الطالب بين الأوراق التي كتبت قبل ألف عام. كل مادة أمامه هي وليدة عصره وعصارة العصورة كلها، فليس غريباً إذاً أن يتلقى الطالب هذه المواد ويتعلمها بأحدث الوسائل. الإنترنت هي الوسيلة الأولى في التعلم في هذه الجامعة.
نقلت الأخبار أن الأمير تركي بن طلال أعلن أن الجامعة العربية المفتوحة تبنت مشروعاً لتنمية التعليم العام في الدول العربية بالتعاون مع برنامج (وورلد وايد) في جامعة هارفرد.
نقله نوعية في مجال التعليم الجامعي. سوف تأخذنا مثل هذه الجامعات إلى مراكز متقدمة في التقييمات المستقبلية. عندما نتحدث عن التردي في جامعة واحدة علينا أن نتذكر أن هناك جامعات متقدمة وأن الأخطاء التي أصابت بعض الجامعات العريقة مثل جامعة الملك سعود هي من النوع الذي يسهل تصحيحه. ما تقوم به الإدارة الجديدة في هذه الجامعة يؤكد ذلك. أنا متفائل تفاؤلي لا تعيقه الرداءة أياً كان مصدرها.
فاكس 4702164
yara.bakeet@gmail.com