سبق أن طرحت الجريدة عن سيرة المواطن من الزلفي المرحوم عبد الرزاق بن محمد الجويعي الذي أوصى في عام 1299 بأضاحي للإمامين محمد بن سعود آل سعود وابنه عبدالعزيز ومجدد الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأحفادهم، ما كانوا على هذا الدين - والوصية وثيقة تاريخية تثبت ولاء المواطن لولاة الأمر - وفقهم الله -.. وقد ذكَّرني ذلك عندما قامت إحدى المدارس الثانوية بالزلفي بوضع (أوبريت) عن وصية الجويعي وعن الدور الشجاع الذي قام به المؤسس الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - وأبناؤه البررة من بعده الملوك، سعود وفيصل وخالد، وفهد - رحمهم الله جميعاً - وحمل لواء الأمانة خادم الحرمين الشريفين ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز - وفقه الله -، ولاقت الوصية استحسان مدير التربية والتعليم بمحافظة الزلفي الأستاذ حمد بن منصور العمران الذي أمر بإقامة ذلك على مسرح الإدارة، لترى الأجيال ما عمله الآباء من الولاء والمحبة وبذل الغالي والنفيس لحب ولاة الأمر من آل سعود الكرام، ولما رأى التفاعل بمسرح الإدارة والحضور غير المسبوق من رواد العلم والطلاب، رشح الأوبريت لمهرجان الجنادرية، وتمَّ فعلاً ولاقى الحضور والتميُّز من القادمين إلى المهرجان وجناح الإدارة بالذات، وذلك في عام 1428هـ حيث اكتظ بالزوار.
وقد اطلعت على سيرة أحد أحفاد المرحوم عبد الرزاق بن محمد الجويعي وهو صالح بن سليمان الجويعي المولود بالزلفي عام 1290 المتوفى عام 1380هـ والذي اشتهر بالصلاح والشجاعة الخارقة والكرم فقد سافر من الزلفي إلى البحرين وعمره بحدود عشرين عاماً فقط ومكث ثلاثين عاماً.. وقد قام ببطولات خارقة طلب منه البقاء بالبحرين لتولي بعض الأعمال الأمنية لكنه فضَّل العودة إلى وطنه ومسقط رأسه، وشرح وضعه للشيخ المرحوم عبد الرحمن القصيبي ممثل الملك عبدالعزيز بالبحرين الذي ساعده للرجوع للوطن وتمَّ ذلك بلقائه بالملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - إلا أن صالح الجويعي لم يترك المقابلة تمرُ، فقد طلب من الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود والد المؤسس الملك عبدالعزيز أن يمنحه (عين ماء) بالزلفي كانت تتدفق ماءً عذباً، فكتب الإمام عبدالرحمن بما نصه: (من عبدالرحمن الفيصل إلى الكرام عبد الرحمن بن عطا الله وعبد المحسن السلمان - سلمهما الله جميعاً -.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وغير ذلك يذكر صالح الجويعي أن عندكم عيناً يبي يبعثها بالحاضر إذا كان ما فيها مُلك لأحد ولا دعوة ولا مضرة على أحد.. فحنا أرخصنا له.. يبعثها موجب مصلحة المسلمين فإذا كان فيها مُلك لأحد أو مضرة فيمسك عنها يكون معلوماً - إن شاء الله - 2 رجب 1346هـ إذا كان ما فيها مضرة على المسلمين = ختم الإمام عبدالرحمن بن فيصل = انتهى).
بعد ذلك تمَّ منحه إياها.. واستفيد منها لسقيا الماشية وعابري السبيل، أثناء شح المياه والآبار.
رحم الله الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود وأبناءه وأحفاده لأنهم لا يريدون المضرة على أحد.. أو ظلم أحد.. أو التعدي ظلماً على أملاك الغير.. والوثيقة كافية وشافية.. بها عِبر كثيرة - رحمهم الله جميعاً -.. والله الموفق.
عبد المحسن بن عبد الله الطريقي