ما المشهد المؤثر الذي ظهر فيه خادم الحرمين الشريفين على شاشات التلفاز وهو يصافح ويحتضن أبناء شهداء الواجب، عندما ذرفت عيناه دموع الرحمة والرأفة بهم تعاطفا معهم بإحساس رجل اتصف بقمة الإنسانية، فالملك عبد الله بحنانه وعطفه قابل أبناء الشهداء مع دموعه بكلمات أبويه حانية، مؤكدا أن الوطن لن ينسى تضحيات جنوده الأوفياء وهم يدافعون عن ترابه وأمنه، ومؤكدا أن الوطن لن ينسى أبناء الشهداء فرعايتهم والاهتمام بهم من واجب قيادته، وما ذلك إلا امتداد لنهج والده المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، الذي كان يمثل الأبوّة الحانية والمحبة الكبيرة لأبناء شعبة وجنوده الأوفياء, الذي يظهر جليا من خلال هذه الوثيقة التاريخية والتي كان موضوعها في أحداث عام 1351هـ حدث فتنة في جنوب البلاد، فأرسل الملك عبد العزيز القوات لقمع هذه الفتنة وإعادة النظام والهدوء في تلك الجهة، فقامت القوات بواجبها في إعادة النظام في تلك الجهة، وقد استشهد في هذه العمليات العسكرية بعض من أبناء الوطن المخلصين، فقام أحد أعيان فرقة من هذه القوات، والذي كان يراسل الملك عبد العزيز بشأن أخبار فرقته وخطط سيرها، فقام هذا الرجل بإرسال رسالة يبين فيها أسماء بعض الذين استشهدوا في هذه العمليات فكان رد الملك عبد العزيز بهذه الرسالة التي جسد فيها الملك - طيب الله ثراه- معاني الأبوّة تجاه أبنائه شهداء الواجب، وأبنائهم.. وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
(من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى جناب الأخ المكرم نايف بن نافل الرقاص(1) سلمه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الخط المكرم وصل وما عرفت كان معلوم مخصوص، من قبل ما أشرت إليه من طرف الذي توفوا من جماعتكم فنرجو إن الله تعالى يغفر لهم ويرحمهم وهذا مآل الدنيا ومصير كل حي وإن شاء الله أنهم شهداء، ومن قبل الذي جاري للمتوفين من كل شيء أجريناه لذريتهم من بعدهم, ومن قبل عادتكم مع العمال فهي تصلكم بقائمة جماعتكم إن شاء الله, هذا ما لزم تعريفه مع إبلاغ السلام العيال ومن عندنا العيال يسلمون والسلام 17محرم 1352هـ(2).
يحق لنا أن نفتخر أبناء هذا الوطن بهذه النماذج المعبّرة
نسأل الله تعالى أن يديم علينا نعمة الإسلام والأمن في
الأوطان وأن يرزقنا شكر نعمه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بدر بن نجر الردعي
(1) أحد أبناء قبيلة عتيبة وهو من كان يراسل الملك بشأن أمر شهداء الواجب.
(2) دارة الملك عبد العزيز، قسم الوثائق الوطنية.