ما يزال بعض الناس الذين يعانون من عثرات في حياتهم يميلون إلى تعميم الأحكام السلبية على الحياة، وتدعوهم التجارب المؤلمة إلى النظر بمنظار أسود إلى كل ما يجري حولهم من الأحداث، وإلى كل من يلتقون به من الأشخاص، وكثيراً ما نسمع من يقول: انتهى الخير، ذهب الطيبون، لم يبق إلا الحثالة من الناس، ساءت أخلاق الناس، لم يعد للصادق مكان في هذا العصر. وما شابه ذلك من العبارات التي تدل على الإحباط، واليأس من صلاح الأحوال واستقامة الناس. |
فهل هذا أسلوب معقول في التعامل مع الحياة؟ |
إن هذا الأسلوب الانهزامي لا يليق بالإنسان الذي يؤمن بربه، ويفكر بعقله، ويرى بمنظار سليم يمكنه من رؤية الأشياء على حقائقها، وهو أسلوب يدل على انهيار (الجبهة النفسية الداخلية) عند الإنسان، وعلى عدم قدرته على الاستيعاب، وحسن التعامل الذي يراعي من خلاله اختلاف المواقف وتبدل الأحوال. |
إن الإسلوب (المتشائم) يرسخ التشاؤم في نفس صاحبه، ويجعله مستسلماً للسلبيات مضخماً لها، مبالغاً في تضخيمها حتى يصل إلى درجة تعميم الحكم على الحياة كلها، وهو من أضر الأساليب بالحياة البشرية، ومن أشدها أثراً سلبياً في تعامل الناس وتفاعلهم. |
لقد نهانا ديننا عن تعميم الحكم بالسوء على الحياة، وأخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم- أن من قال: هلك الناس فهو أهلكهم، وأرشدنا إلى أن الخير موجود في الأمة إلى أن تقوم الساعة، حتى عندما يكثر الخبث وينتشر الفساد، وورد في الأثر أن الأمة كالمطر لا يدري الناس هل أوله خير أم آخره، ومعنى ذلك أن الحكم بانقطاع الخير من الناس، وزوال الأمانة بالكلية، وانعدام الصدق بالجملة إنما حكم ظالم مخالف للحق، بعيد عن الصواب. |
لقد التقيت في أزمنة مختلفة بعدد من المتشائمين المحبطين وحاورتهم فوصلت إلى نتيجة مهمة أكدت لي أن التشاؤم ينبع من داخل الإنسان، وينطلق من ذاته، حتى يصبح أسيراً له، لا يرى الأشياء إلا من خلاله، وهنا لا يستطيع أن يصدر أحكاماً إيجابية أبداً، ولا يقدر على الرؤية المشرقة، وأنى له ذلك ما دامت نفسه مظلمة، وصدره منقبضاً، ومزاجه منحرفاً؟ |
الخير لا ينقطع، فهو موجود في كل مكان، ولا تعني هَيْلَمَة الشرِّ وضجيجه الذي يصم الآذان أن الخير قد انتهى، وأن أهله قد ذهبوا. |
|
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه |
لا يذهب العرف بين الله والناس |
|