تقول الميثيولوجيا: إن جبلي (طميه وسنام) كانا قبل آلاف السنين عاشقين حميمين وزوجين متحابين، رقدا ليلة بجانب بعضهما البعض يتأملان النجوم ويتحدثان عن أمور الحياة، وكان الجبلان يقيمان في منطقة الحجاز في القرون السالفة، وفجأة اختلفا في أمر ما فأدار كل منهم وجهه عن الآخر ولاذا بالصمت، تقلّب سنام طويلا في مضجعه ولم ينم تلك الليلة بل جمع أطرافه وانسّل بكل هدوء مرتحلا عن زوجته (طميّه) ليريها مرارة الهجر، وسار باتجاه الشمال يخترق الأرض كسفينة تمخر العباب تاركاً خلف حجره العظيم أخدوداً طويلاً يبدأ من سلسلة جبال الحجاز حتى ما قبل شط العرب على الحدود الكويتية - العراقية الآن، وفجأة استفاقت زوجته طميه وكم هالها هذا الرحيل المفاجئ الغريب لحبيب القلب (سنام)، فصرخت قبل أن يتوغل في البحر وتوسلت إليه أن يكُفّ عن المسير. وهكذا كما تقول الأسطورة بقي سنام ثابتاً - لوحده - في سهب من الصحراء فضرب الناس بتلك الأسطورة الخرافية المثل في الغضب أو الزعل الذي لا حل له بقولهم: (زعل سنام على طميّه!!)
وتتحدث الأسطورة أيضاً أن مسار الجبل (الزعلان) وما تركه خلفه من أخدود أثناء المسير هو ما عرف فيما بعد ب(وادي الرمه) ثم (شعيب الباطن) الذي يتبدد حول سنام على مشارف العراق لتصب بعض روافده في الخليج.
***
* وتقول الجيولوجيا: وخبراء الطبوغرافيا - والجغرافيون إن وادي الرمة وبعد أن يتوزع بالنفود وتلتقي روافده ثانية لتشكل وادي الباطن الشهير، يقولون إن ذلك كان نهراً عظيماً يخترق الجزيرة العربية من أقصى الغرب إلى أقصى شرق الشمال.
***
* وتقول التكنولوجيا: وعلى لسان الدكتور صالح السعدون إنه أصبح بالإمكان أن نشق نهراً اصطناعياً تدعمه محطة نووية لتوليد الطاقة ينطلق من جبال السروات ويشق الجزيرة العربية من غربها إلى شرقها ليصب أخيراً في الخليج العربي، وان هذا النهر بمقدوره أن يغير ملامح المنطقة جغرافياً ومناخياً واقتصاديا ويعيد جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً وبحيرات وسنحل مشكلة المياه للأبد بعد أن كثر الحديث عن نقص المخزون السطحي للمياه الجوفية في الجزيرة العربية.. أما كيف سيحدث ذلك فيقول الدكتور المبدع والمفكر صالح السعدون في تصريح لجريدة الحياة: إن الفكرة تتلخص في إقامة محطة نووية للاستخدام السلمي في منطقة مكة المكرمة تُشغل عليها عشرات من محطات التحلية لمياه البحر، ثم ترفع إلى أعلى جبال السروات لتحتضنها بحيرة هائلة تتيح فيما بعد انسياب المياه التي تعادل نصف إنتاج نهر النيل لتنحدر إلى الأودية الحالية كوادي فاطمة ووادي حنيفة، فالبطحاء ف(السلّي) ثم إلى السهباء ف(العديد) ومن ضمن الخطة إقامة مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية على ضفاف النهر الجديد.. أما كم يستغرق تنفيذ هذه الفكرة فيقول الدكتور السعدون قد لا تحتاج إلى أكثر من خمس سنوات فقط. أما فوائد هذه الفكرة فهي أولاً: ستحل مشكلة المياه إلى الأبد وستغير حقائق الجغرافيا وتقضي على الجفاف والتصحر وستنشئ شريطا من المدن والقرى على ضفاف هذا النهر، وستتيح الفكرة فتح ملايين الفرص الوظيفية للشباب. كما يتم تأمين القرار السياسي للوطن من خلال تأمين مصدر الغذاء والتحكم بالسلع الاستراتيجية كالقمح والشعير والأرز وسيسهم المشروع في بناء اقتصاد وطني قوي (زراعي وصناعي) لا يعتمد على مصدر النفط فقط.. وسيحيل صحارى الجزيرة العربية إلى مروج خضراء وحدائق غناء.
***
* يبقى القول أخيراً إننا قد قرأنا ما قالته الميثيولوجيا وما قالته الجيولوجيا وما قالته التكنولوجيا. أما ما تقوله (الهذرلوجيا) فهو (صح لسانك) يا دكتور لأنها لا تملك أكثر من ذلك.